بيان : اعلم أن الاخبار قد اختلفت من الخاصة والعامة في أن موسى عليهالسلام هل وعدهم ثلاثين فجاء بعد الاربعين ، أو وعدهم أربعين ، والاظهر من أكثر الاخبار السالفة أنها كانت من الاخبار البدائية وكان الثلاثون مشروطا بشرط فتم بعد ذلك أربعون ، ويظهر من هذا الخبر أن السامري سول لهم شبهة فاسدة ولم يكن الميقات إلا أربعين ، ويمكن كون إحداهما محمولة على التقية لكونها أشهر بين المخالفين في زمان صدور الخبر ، أو يكون موسى وعدهم الثلاثين مع تجويز الاربعين فجعل لميقاته نهايتين ، وبه يمكن الجمع بين الآيتين أيضا.
قال الطبرسي رحمهالله في قوله تعالى: « وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر » : ولم يقل أربعين ليلة كما قال في سورة البقرة لفائدة زائدة ذكر فيها وجوه : أحدها أن العدة كانت ذا القعدة وعشرا من ذي الحجة ولو قال : أربعين ليلة لم يعلم أنه كان الابتداء أول الشهر ولا أن الايام كانت متوالية ولا أن الشهر شهر بعينه قاله أكثر المفسرين.
وثانيها أنه واعد موسى ثلاثين ليلة ليصوم فيها ويتقرب بالعبادة ، ثم أتمها بعشر إلى وقت المناجاة. وقيل : هي العشر التي انزلت التوراة فيها فلذلك افردت بالذكر. وثالثها أن موسى عليهالسلام قال لقومه : إني أتأخر عنكم بثلاثين يوما ليتسهل عليهم ثم زاد عليهم عشرا وليس في ذلك خلف لانه إذا تأخر عنهم أربعين ليلة فقد تأخر ثلاثين قبلها ، عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام انتهى.(١)
وقال الثعلبي : كان قد وعد قومه ثلاثين ليلة فأتمها الله بعشر حتى صارت أربعين ، وعد بنو إسرائيل الثلاثين فلما لم يرجع إليهم موسى افتتنوا ، وقال قوم : إنهم عدوا الليلة يوما واليوم يوما فلما مضت عشرون يوما افتتنوا.(٢)
٤٣ ـ م : ثم قال عزوجل: « ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون » أي عفونا عن أوائلكم عبادتهم العجل لعلكم يا أيها الكائنون في عصر محمد من بني إسرائيل
_________________
(١) مجمع البيان ٤ : ٤٧٣.
(٢) عرائس الثعلبى : ١١٧.