كان قارون ابن عم موسى عليهالسلام وكانت في زمان موسى امرأة بغي لها جمال وهيئة ، فقال لها قارون : اعطيك مائة ألف درهم وتجيئين غدا إلى موسى وهو جالس عند بني إسرائيل يتلو عليهم التوراة فتقولين : يا معشر بني إسرائيل إن موسى دعاني إلى نفسه فأخذت منه مائة ألف درهم فلما أصبحت جاءت المراة البغي فقامت على رؤوسهم وكان قارون حضر في زينته ، فقالت المرأة : يا موسى إن قارون أعطاني مائة ألف درهم على أن أقول بين بني إسرائيل على رؤوس الاشهاد : إنك دعوتني إلى نفسك ومعاذ الله أن تكون دعوتني لقد أكرمك الله عن ذلك ، فقال موسى للارض : خذيه ، فأخذته وابتلعته ، وإنه ليتجلجل ما بلغ ولله الحمد.
بيان : التجلجل : السووخ في الارض. قال الثعلبي : كان قارون أعلم بني إسرائيل بعد موسى وهارون وأفضلهم وأجملهم ، ولم يكن فيهم اقرء للتوراة منه ، ولكنه نافق كما نافق السامري فبغى على قومه ، واختلف في معنى هذا البغي فقال ابن عباس : كان فرعون قد ملك قارون على بني إسرائيل حين كان بمصر ، وعن المسيب بن شريك أنه كان عاملا على بني إسرائيل وكان يظلمهم ، وقيل : زاد عليهم في الثياب شبرا ، وقيل : بغى عليهم بالكبر ، وقيل : بكثرة ماله وكان أغنى أهل زمانه وأثراهم.
واختلف في مبلغ عدة العصبة في هذا الموضع فقال مجاهد : ما بين العشرة إلى خمسة عشر ، وقال قتادة : ما بين العشرة إلى أربعين ، وقال عكرمة : منهم من يقول أربعون ومنهم من يقول سبعون ، وقال الضحاك ما بين الثلاثة إلى العشرة ، وقيل : هم ستون ، وروي عن خثيمة قال : وجدت في الانجيل أن مفاتيح خزائن قارون وقرستين بغلا غراء محجلة ما يزيد منها مفتاح على إصبع لكل مفتاح منها كنز ، ويقال : كان أينما يذهب تحمل معه ، وكانت من حديد ، فلما ثقلت عليه جعلها من خشب فثقلت عليه فجعلها من جلود البقر على طول الاصابع ، فكانت تحمل معه على أربعين بغلا ، وكان أول طغيانه أنه تكبر واستطال على الناس بكثرة الاموال ، فكان يخرج في زينته ويختال كما قال تعالى : « فخرج على قومه في زينته » قال مجاهد : خرج على براذين بيض عليها سروج الارجوان ، وعليهم المعصفرات. وقال عبدالرحمن : خرج في سبعين ألفا عليهم المعصفرات