ثم أوحى الله تعالى جل وعلا إلى إلياس بعد سبع سنين من يوم أحيا الله يونس سلني اعطك ، فقال : تميتني فتلحقني بآبائي فإني قد مللت بني إسرائيل وأبغضتهم فيك ، (١) فقال تعالى جلت قدرته : ما هذا باليوم الذي اعري منك الارض وأهلها ، و إنما قوامها بك ، ولكن سلني اعطك ، فقال إلياس : فأعطني ثاري من الذين أبغضوني فيك ، فلا تمطر عليهم سبع سنين قطرة إلا بشفاعتي ، (٢) فاشتد على بني إسرائيل الجوع وألح عليهم البلاء ، وأسرع الموت فيهم ، وعلموا أن ذلك من دعوة إلياس ، ففزعوا إليه وقالوا : نحن طوع يدك ، فهبط إلياس معهم ومعه تلميذ له اليسع وجاء إلى الملك فقال : أفنيت بني إسرائيل بالقحط ، فقال : قتلهم الذي أغواهم ، فقال : ادع ربك يسقيهم ، فلما جن الليل قام إلياس عليهالسلام ودعا الله ، ثم قال لليسع : انظر في أكناف السماء ماذا ترى؟ فنظر فقال : أرى سحابة ، فقال : ابشروا بالسقاء ، فليحرزوا أنفسهم(٣) وأمتعتهم من الغرق ، فأمطر الله عليهم السماء وأنبتت لهم الارض ، فقام إلياس بين أطهرهم وهم صالحون ، ثم أدركهم الطغيان والبطر فجهدوا حقه وتمردوا ، فسلط الله عليهم عدوا قصدهم ولم يشعروا به حتى رهقهم ، (٤) فقتل الملك وزوجته وألقاهما في بستان الذي قتلته زوجة الملك ، ثم وصى إلياس إلى اليسع وأنبت الله لالياس الريش وألبسه النور ورفعه إلى السماء ، وقذف بكسائه من الجو على اليسع ، فنبأه الله على بني إسرائيل وأوحى إليه و أيده ، فكان بنو إسرائيل يعظمونه ويهتدون بهداه.(٥)
بيان : الكظم محركة : الحلق أو الفم أو مخرج النفس. وقال الطبرسي : اختلف
_________________
(١) في العرائس : فانى قد مللت بنى اسرائيل وملونى ، وأبغضتهم وابغضونى.
(٢) وفى بعض الروايات : ان الله لم يجبه إلى سبع سنين ، وقال : أنا أرحم بخلقى من ذلك فكان الياس ينقص إلى أن بلغ ثلاث سنين فأجابه إلى ذلك. منه رحمهالله. قلت : ذكره الثعلبى في العرائس.
(٣) أى فليحفظوا أنفسهم.
(٤) أى حتى لحقهم.
(٥) قصص الانبياء مخطوط ، والظاهر أن الحديث مختصر ، يوجد مفصله في العرائس ، وذكرنا منه قبلا بعض ما كان دخيلا في صحة المعنى ونظمه ، والحديث كما ترى من مرويات العامة و قصصهم ، أورده الصدوق باسناده عنهم في كتابه.