وإن ابتليت صبرت ، القليل في يديها كثير ، والثاني : الولود الودود ، تعود بخير على زوجها ، هي كالام الرحيم ، تعطف على كبيرهم ، وترحم صغيرهم ، وتحب ولد زوجها و إن كانوا من غيرها ، جامعة الشمل ، مرضية البعل ، مصلحة في النفس والاهل والمال و الولد ، فهي كالذهب الاحمر ، طوبى لمن رزقها ، إن شهد زوجها أعانته ، وإن غاب عنها حفظته. وأما إحدى الملعونتين فهي العظيمة في نفسها ، الذليلة في قومها ، التي إن اعطيت سخطت ، وإن منعت عتبت(١) وغضبت ، فزوجها منها في بلاء ، وجيرانها منها في عناء ، فهي كالاسد إن جاورته أكلك ، وإن هربت منه قتلك ، والملعونة الثانية فهي قلى عن زوجها(٢) وملها جيرانها ، إنما هي سريعة السخطة ، (٣) سريعة الدمعة ، إن شهد زوجها لم تنفعه ، وإن غاب عنها فضحته ، فهي بمنزلة الارض النشاشة(٤) إن اسقيت أفاضته الماء وغرقت ، وإن تركتها عطشت ، وإن رزقت منها ولدا لم تنتفع به ، يا بني لا تتزوج بأمة فيباع ولدك بين يديك وهو فعلك بنفسك.
يا بني لو كانت النساء تذاق كما تذاق الخمر ما تزوج رجل امرأة سوء أبدا ، يا بني أحسن إلي من أساء إليك ، ولا تكثر من الدنيا فإنك على غفلة منها ، (٥) وانظر إلى ما تصير منها ، (٦) يا بني لا تأكل مال اليتيم فتفتضح يوم القيامة ، وتكلف أن ترده إليه ، يا بني لو أنه أغنى أحد عن أحد لاغنى الولد عن والده ، يا بني إن النار يحيط بالعالمين كلهم فلا ينجو منها أحد(٧) إلا من رحمهالله وقربه منه ، يا بني لا يغرنك خبيث اللسان فإنه يختم على قلبه ، (٨) وتتكلم جوارحه وتشهد عليه ، يا بني لا تشتم
_________________
(١) أى أنكرت عليه فعله ولامته على ذلك.
(٢) هكذا في نسخة ، وفى المطبوع : فهى عند زوجها وملها جيرانها. وكلتاهما لا تخلوان عن تصحيف. وقلى الرجل : ابغضه.
(٣) في نسخة : فهى سريعة السخطة.
(٤) أرض نشاشة : لا يجف ثراها ولا تنبت. والثرى : الندى.
(٥) في نسخة : فانك على رحلة منها.
(٦) هكذا في النسخ ، ولعل المعنى : وانظر إلى مكان تصير من الدنيا اليه وهو الاخرة.
(٧) في نسخة : فلا يجوز منها أحد.
(٨) أى يوم القيامة ، ولعل الصحيح : فانه يختم على لسانه كما قال الله تعالى وتقدس : اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون.