غرفة بيده ، فلما وردوا النهر أطلق الله لهم أن يغرف كل واحد منهم غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم ، فالذين شربوا منه كانوا ستين ألفا ، وهذا امتحان امتحنوا به كما قال الله.
وروي عن أبي عبدالله عليهالسلام أنه قال : القليل الذين لم يشربوا ولم يغترفوا ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا ، فلما جاوزوا النهر ونظروا إلى جنود جالوت قال الذين شربوا : « لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده » وقال الذين لم يشربوا : « ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين » فجاء داود عليهالسلام فوقف بحذاء جالوت وكان جالوت على الفيل ، وعلى رأسه التاج ، وفي جبهته ياقوتة يلمع نورها ، وجنوده بين يديه ، فأخذ داود عليهالسلام من تلك الاحجار(١) حجرا فرمى به في ميمنة جالوت فمر في الهواء فوقع عليهم فانهزموا ، وأخذ حجرا آخر فرمى به في ميسرة جالوت فوقع عليهم فانهزموا ، ورمى جالوت بحجر فصكت(٢) الياقوتة في جبهته ووصلت إلى دماغه ووقع إلى الارض ميتا ، وهو قوله : « فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت ».(٣)
بيان : قوله : ( وروي ) من كلام المصنف ادخل بين الخبر. قوله : ( البقية ذرية الانبياء ) كأنه هكذا فهم ما سيأتي(٤) من رواية أبي المحسن ، وفي تلك الرواية يحتمل أن يكون تفسيرا للملائكة ، (٥) أي الملائكة الحاملون للتابوت حقيقة هم الاوصياء من ذرية الانبياء ، واطلقت الملائكة عليهم مجازا ، وعلى ما رواه يحتمل أن يكون المراد كون ذكرهم(٦) وبيان فضلهم في التابوت ، أو يكون « في » بمعنى « مع ».
وقال الطبرسي رحمهالله في قوله تعالى : « إذ قالوا لنبي لهم » : اختلف في ذلك النبي فقيل : اسمه شمعون بن صفية من ولد لاوي ، عن السدي ، وقيل : هو يوشع ، وقيل : هو
_________________
(١) في نسخة : من تلك الاصخار.
(٢) صكه : ضربه شديدا.
(٣) تفسير القمى : ٧١ ـ ٧٣.
(٤) تحت رقم ١٣.
(٥) على بعد جدا.
(٦) وأساميهم.