وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : سباق الامم ثلاثة ، لم يكفروا بالله طرفة عين : خربيل(١) مؤمن آل فرعون ، وحبيب النجار صاحب ياسين ، وعلي بن أبي طالب عليهالسلام وهو أفضلهم.
قالوا : فجاء خربيل(٢) فاختصر طريقا قريبا حتى سبق الذباحين إليه وأخبره بما هم به فرعون ، فذلك قوله تعالى : « وجاء رجل من أقصى المدينة » الآية ، فتحير موسى ولم يدر أين يذهب ، فجاء ملك على فرس بيده عنزة فقال له : اتبعني ، فاتبعه فهداه إلى مدين.
وعن ابن عباس أنه خرج من مصر إلى مدين وبينهما مسيرة ثمان ليال ، ويقال : نحو من كوفة إلى البصرة ، ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر ، فما وصل إليها متى وقع خف قدميه ، وإن خضرة البقل تتراءى من بطنه. قالت العلماء : لما انتهى موسى إلى أرض مدين في ثمان ليال نزل في أصل شجرة ، وإذا تحتها بئر ، وهي التي قال الله تعالى : « ولما ورد ماء مدين وجد عليه امة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان » أي تحبسان أغنامهما ، فقال لهما : « ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء » لانا امرأتان ضعيفتان ، لا نقدر على مزاحمة الرعاء ، فإذا سقوا مواشيهم سقينا أغنامنا من فضول حياضهم « وأبونا شيخ كبير » تعنيان شعيبا.
وعن ابن عباس قال : اسم أب امرأة موسى الذي استأجره يثرون صاحب مدين ابن أخي شعيب عليهالسلام واسم إحدى الجاريتين ليا ويقال حنونا ، واسم الاخرى صفوراء وهي امرأة موسى ، فلما قالتا ذلك رحمهما ، وكان هناك بئر وعلى رأسها صخرة ، وكان نفر من الرجال يجتمعون عليها حتى يرفعوها عن رأسها ، وقيل : إن تلك البئر غير البئر التي يستقي منها الرعاء ، قالوا : فرفع موسى الصخرة عن رأسها وأخذ دلوا لهما فسقى لهما أغنامهما ، فرجعتا إلى أبيهما سريعا قبل الناس ، وتولى موسى إلى ظل الشجرة فقال : « رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ».
فقال ابن عباس : لقد قال ذلك موسى عليهالسلام ولو شاء إنسان أن ينظر إلى خضرة
_________________
(١ و ٢) في المصدر : حزقيل.