« اتبعوا من لايسألكم أجرا وهم مهتدون » قيل : فلما قال هذا أخذوه فرفعوه إلى الملك ، فقال له الملك : أفأنت تتبعهم؟ قال : « وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون » أي تردون عند البعث « ءأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر » أي إن أراد الله إهلاكي والاضرار بي « لاتغن عني شفاعتهم شيئا » أي لاتدفع شفاعتهم عني شيئا « ولا ينقذون » ولا يخلصوني من ذلك « إني إذا لفي ضلال مبين * إني آمنت بربكم فاسمعون » أي فاسمعوا قولي واقبلوه.
ثم إن قومه لما سمعوا ذلك القول منه وطئوه بأرجلهم حتى مات ، فأدخله الله الجنة وهو حي فيها يرزق وهو قوله : « قيل ادخل الجنة » وقيل : رجموه حتى قتلوه عن قتادة ، وقيل إن القوم لما أرادوا أن يقتلوه رفعه الله إليه فهو في الجنة ولا يموت إلا بفناء الدنيا وهلاك الجنة ، عن الحسن ومجاهد ، وقالا : إن الجنة التي دخلها يجوز هلاكها ، وقيل : إنهم قتلوه إلا أن الله سبحانه أحياه وأدخله الجنة ، فلما دخلها قال : « ياليت قومي يعلمون * بما غفر لي ربي » تمنى أن يعلم قومه ما أعطاه الله من المغفرة وجزيل الثواب ليرغبوا في مثله ويؤمنوا لينالوا ذلك « وجعلني من المكرمين » أي من المدخلين الجنة.
ثم حكى سبحانه ما أنزله بقومه من العذاب فقال : « وما أنزلنا على قومه من بعده » أي من بعد قتله أو رفعه « من جند من السماء » يعني الملائكة ، أي لم ننتصر منهم بجند من السماء (١) « وما كنا منزلين » أي وما كنا ننزلهم على الامم إذا أهلكناهم ، و قيل : معناه : وما أنزلنا على قومه من بعده رسالة من السماء قطع الله عنهم الرسالة حين قتلوا رسله « إن كانت إلا صيحة واحدة » أي كان إهلاكهم عن آخرهم بأيسر أمر صيحة واحدة حتى هلكوا بأجمعهم « فإذا هم خامدون » أي ساكنون قد ماتوا قيل : إنهم لما قتلوا حبيب بن موسى النجار (٢) غضب الله عليهم ، فبعث جبرئيل
__________________
(١) في المصدر زيادة : ولم ننزل لاهلاكهم بعد قتلهم الرسل جندا من السماء يقاتلونهم.
(٢) في المصدر زيادة : حبيب بن مرى النجار.