الآيات ، وأن لايقدموا بين يدي الله ورسوله ، لان الله تعالى قد أراهم البراهين والمعجزات بإحياء الموتى وغيره مما هو أوكد مما سألوه وطلبوه ، عن الزجاج.
« قالوا » أي قال الحواريون : « نريد أن نأكل منها » قيل في معناه قولان : أحدهما أن يكون الارادة التي هي من أفعال القلوب ، ويكون التقدير فيه : نريد السؤال من أجل هذا الذي ذكرنا ، والآخر أن تكون الارادة هنا بمعنى المحبة التي هي ميل الطباع ، أي نحب ذلك « وتطمئن قلوبنا » يجوز أن يكونوا قالوه وهم مستبصرون في دينهم ، ومعناه : نريد أن نزداد يقينا ، وذلك أن الدلائل كلما كثرت مكنت المعرفة في النفس ، عن عطاء « ونعلم أن قد صدقتنا » بأنك رسول الله ، وهذا يقوي قول من قال : إن هذا كان في ابتداء أمرهم ، والصحيح أنهم طلبوا المعاينة والعلم الضروري والتأكيد في الاعجاز « ونكون عليها من الشاهدين » لله بالتوحيد ، ولك بالنبوة ، وقيل : من الشاهدين لك عند بني إسرائيل إذا رجعنا إليهم. ثم أخبر سبحانه عن سؤال عيسى إياه فقال : « قال عيسى بن مريم » عن قومه لما التمسوا عنه ، وقيل : إنه إنما سأل ربه ذلك حين أذن له في السؤال : « اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء » أي خوانا عليه طعام من السماء « تكون لنا عيدا » قيل في معناه قولان : أحدهما : نتخذ اليوم الذي تنزل فيه عيدا نعظمه نحن ومن يأتي بعدنا ، عن السدي وقتادة وابن جريح وهو قول أبي علي الجبائي. الثاني : أن معناه : يكون عائدة فضل من الله (١) ونعمة منه لنا ، والاول هو الوجه « لاولنا وآخرنا » أي لاهل زماننا ومن يجئ بعدنا ، وقيل : معناه : يأكل منها آخر الناس كما يأكل أولهم ، عن ابن عباس « وآية منك » أي دلالة منك عظيمة الشأن في إزعاج قلوب العباد إلى الاقرار بمدلولها ، والاعتراف بالحق الذي يشهد به ظاهرها يدل (٢) على توحيدك وصحة نبوة نبيك « وارزقنا » أي واجعل ذلك رزقا لنا ، وقيل : معناه : و ارزقنا الشكر عليها ، عن الجبائي « وأنت خير الرازقين » وفي هذا دلالة على أن العباد قد يرزق بعضهم بعضا ، لانه لو لم يكن كذلك لم يصح أن يقال له سبحانه : « أنت خير الرازقين »
__________________
(١) في المصدر : تكون عائدة فضل من الله علينا.
(٢) في المصدر : تدل.