لاحد من الناس فقضينا عمله لاطعمنا طعاما ، وإنا صمنا وجعنا فادع الله أن ينزل علينا مائدة من السماء ، فأقبلت الملائكة بمائدة يحملونها ، عليها سبعة أرغفة وسبعة أحوات حتى وضعتها بين أيديهم ، (١) فأكل منها آخر الناس كما أكل أولهم وهو المروي عن أبي جعفر عليهالسلام وروى عطاء بن السائب عن زاذان وميسرة قالا : كانت إذا وضعت المائدة لبني إسرائيل اختلفت عليهم الايدي من السماء بكل طعام إلا اللحم ، وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : أنزل على المائدة كل شئ إلا الخبز واللحم ، وقال عطاء : نزل عليها كل شئ إلا السمك واللحم ، وقال عطية العوفي : نزل من السماء سمكة فيها طعم كل شئ وقال عمار وقتادة : كان عليها ثمر من ثمار الجنة ، وقال قتادة : كانت تنزل عليهم بكرة وعشيا حيث كانوا ، كالمن والسلوى لبني إسرائيل ، وقال يمان بن رئاب : كانوا يأكلون منها ماشاؤوا ، وروى عطاء بن أبي رياح عن سلمان الفارسي أنه قال : والله ماتبع عيسى (ع) شيئا من المساوي قط ولا انتهر شيئا ، (٢) ولا قهقه ضحكا ولا ذب ذبابا عن وجهه ، ولا أخذ على أنفه من شئ نتن قط ، ولا عبث قط ، ولما سأله الحواريون أن ينزل عليهم مائدة لبس صوفا وبكى وقال : « اللهم ربنا أنزل علينا مائدة » الآية ، فنزلت سفرة حمراء بين غمامتين وهم ينظرون إليها وهي تهوي منقضة حتى سقطت بين أيديهم ، فبكى عيسى عليهالسلام وقال : « اللهم اجعلني من الشاكرين ، اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها مثلة و عقوبة » واليهود ينظرون إليها ينظرون إلى شئ لم يروا مثله قط ، ولم يجدوا ريحا أطيب من ريحه ، فقام عيسى عليهالسلام فتوضأ وصلى صلاة طويلة ثم كشف المنديل عنها وقال : « بسم الله خير الرازقين » فإذا هو سمكة مشوية ليس عليها فلوسها ، تسيل سيلا من الدسم ، وعند رأسها ملح ، وعند ذنبها خل ، وحولها من أنواع البقول ماعدالكراث ، وإذا خمسة أرغفة ، على واحد منها زيتون ، وعلى الثاني عسل ، وعلى الثالث سمن ، وعلى الرابع جبن ، وعلى الخامس قديد ، فقال شمعون : ياروح الله أمن طعام الدنيا هذا أم من طعام الآخرة؟ فقال عيسى : ليس شئ مما ترون من طعام الدنيا ولا من طعام الآخرة ، ولكنه شئ افتعله الله
__________________
(١) في المصدر : حتى وضعوها بين ايديهم.
(٢) الصواب كما في المصدر : ولا انتهر يتيما.