يحرك شفتيه حتى يخمد ، (١) فقلت : أصلح الله الامير ليس على ما تأولت ، قال : كيف هو؟ قلت : إن عيسى عليهالسلام ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملة يهودي ولا نصراني (٢) إلا آمن به قبل موته ، ويصلي خلف المهدي ، قال : ويحك أنى لك هذا ومن أين جئت به؟ فقلت : حدثني به محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) ، فقال : جئت والله بها من عين صافية. (٣)
بيان : قال الطبرسي رحمه الله : اختلف فيه على أقوال : أحدها أن كلا الضميرين يعودان إلى المسيح ، أي ليس يبقى أحد من أهل الكتاب من اليهود والنصارى إلا ويؤمنن بالمسيح قبل موت المسيح إذا أنزله الله إلى الارض وقت خروج المهدي في آخر الزمان لقتل الدجال ، فتصير الملل كلها ملة واحدة ، وهي ملة الاسلام الحنيفية دين إبراهيم عليهالسلام عن ابن عباس وأبي مالك والحسن وقتادة وابن زيد ، وذلك حين لاينفعهم الايمان ، واختاره الطبري ، قال : والآية خاصة لمن يكون منهم في ذلك الزمان ، ثم ذكر رواية علي بن إبراهيم وقال : وذكر أبوالقاسم البلخي مثل ذلك ، وضعف الزجاج هذا الوجه ، قال : إن الذين يبقون إلى زمن عيسى عليهالسلام من أهل الكتاب قليل ، والآية تقتضي عموم إيمان أهل الكتاب إلا أن تحمل على أن جميعهم يقولون : إن عيسى الذي ينزل في آخر الزمان نحن نؤمن به.
وثانيها : أن الضمير في « به » يعود إلى المسيح ، والضمير في « موته » إلى الكتابي ، ومعناه : لايكون أحد من أهل الكتاب يخرج من الدنيا إلا ويؤمن بعيسى عليهالسلام قبل موته إذا زا تكليفه وتحقق الموت ولكن لاينفعه الايمان.
وثالثها : أن يكون المعنى : ليؤمنن بمحمد (ص) قبل موت الكتابي ، عن عكرمة ورواه أيضا أصحابنا. انتهى. (٤)
أقول : يمكن أن يكون الوجه الاول مبنيا على الرجعة فلا يكون مختصا بأهل الكتاب الموجودين في ذلك الزمان.
__________________
(١) في المصدر : حتى يحمل.
(٢) في نسخة : يهودي ولا غيره.
(٣) تفسير القمي : ١٤٦.
(٤) مجمع البيان ٣ : ١٣٧ و ١٣٨.