داود! قل لبني إسرائيل ، لاتجمعوا المال من الحرام فإني لا أقبل صلاتهم ، واهجر أباك على المعاصي وأخاك على الحرام ، واتل على بني إسرائيل نبأ رجلين كانا على عهد إدريس فجاءت لهما تجارة وقد فرضت عليهما صلاة مكتوبة فقال الواحد : أبدأ بأمر الله ، وقال الآخر : أبدأ بتجارتي وألحق أمر الله ، فذهب هذا لتجارته ، وهذا لصلاته ، فأوحيت إلى السحاب فنفخت (١) وأطلقت نارا وأحاطت واشتغل الرجل (٢) بالسحاب والظلمة فذهبت تجارته وصلاته ، وكتب على بابه : انظروا ماتصنع الدنيا والتكاثر بصاحبه.
داود! إن الكبائر والكبر حرد (٣) لا يتغير أبدا ، فإذا رأيت ظالما قد رفعته الدنيا فلا تغبطه فإنه لابد له من أحد الامرين : إما أن أسلط عليه ظالما أظلم منه فينتقم منه ، وإما ألزمه رد التبعات يوم القيامة. داود! لو رأيت صاحب التبعات قد جعل في عنقه طوق من نار ، فحاسبوا نفوسكم ، وأنصفوا الناس ، ودعوا الدنيا وزينتها ، يا أيها الغفول ما تصنع بدنيا يخرج منها الرجل صحيحا (٤) ويرجع سقيما ، ويخرج فيجبى (٥) جباية فيكبل بالحديد والاغلال ، ويخرج الرجل صحيحا فيرد قتيلا. ويحكم لو رأيتم الجنة وما أعددت فيها لاوليائي من النعيم لما ذقتم دواءها بشهوة (٦) ، أين المشتاقون إلى لذيذ الطعام والشراب؟ أين الذين جعلوا مع الضحك بكاء؟ أين الذين هجموا على مساجدي في الصيف والشتاء؟ انظروا اليوم ماترى أعينكم فطال ما كنتم تسهرون والناس نيام ، فاستمتعوا اليوم ما أردتم فإني قد رضيت عنكم أجمعين ، ولقد كانت أعمالكم الزاكية تدفع سخطي عن أهل الدنيا يارضوان اسقهم من الشراب الآن فيشربون ، وتزداد وجوههم نضرة ، فيقول رضوان : هل تدرون لم فعلت هذا؟ لانه لم تطأ فروجكم فروج الحرام ، ولم
__________________
(١) في نسخة : ففتحت.
(٢) في المصدر : واشتعل الرجل ، قلت : مافي المتن أصح. واشتعل فلان : التهب غضبا.
(٣) في نسخة : ان التكاثر والكبر حرب. وفي المصدر : ان البكاء والكبر خود لا يتغير. و الكل مصحف.
(٤) الصحيح كما في المصدر : يدخلها الرجل صحيحا.
(٥)جبا يجبو وجبى يجبى الخراج : جمعه. وفي المصدر : فيحيى حياته. قوله : فيكبل اي يقيد.
(٦) هكذا في نسخة وفي المصدر ، وفي نسخة اخرى : لماذقتم ذوقا بشهوة.