وقال البيضاوي في قوله تعالى : « ن » : من أسمآء الحروف ، وقيل : اسم الحوت والمراد به الجنس أو اليهموت وهو الذي عليه الارض ، أو الدواة ، فإن بعض الحيتان يستخرج منه شئ أسود يكتب به (١).
وقال الطبرسي : روي مرفوعا إلى النبي صلىاللهعليهوآله قال : هو نهر في الجنة قال الله له : كن مدادا فجمد ، وكان أبيض من اللبن ، وأحلى من الشهد ، ثم قال للقلم : اكتب فكتب القلم ما كان وهو كائن إلى يوم القيامة ، عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام (٢).
« والقلم » قال البيضاوي : هو الذي خط اللوح ، أو الذي يخط به ، أقسم به لكثرة فوائده « وما يسطرون » وما يكتبون ، والضمير للقلم بالمعنى الاول على التعظيم ، أو بالمعنى (٣) الثاني على إرادة الجنس ، وإسناد الفعل إلى الآلة وإجرائه (٤) مجرى اولي العلم لاقامته مقامه ، أو لاصحابه ، أو للحفظة ، وما مصدرية أو موصولة « ما أنت بنعمة ربك بمجنون » جواب القسم ، والمعنى ما أنت بمجنون منعما عليك بالنبوة وحصافة (٥) الرأي « وإن لك لاجرا » على الاحتمال أو الابلاغ « غير ممنون » مقطوع ، أو ممنون به عليك من الناس ، فإنه تعالى يعطيك بلا توسط « وإنك لعلى خلق عظيم » إذ تحتمل من قومك ما لا يحتمله أمثالك « فستبصر ويبصرون * بأيكم المفتون » أيكم الذي فتن بالجنون ، والباء مزيدة ، أو بأيكم الجنون ، على أن « المفتون » مصدر ، أو بأي الفريقين منكم الجنون؟ أبفريق المؤمنين ، أو بفريق الكافرين؟ أي في أيهما (٦) من يستحق هذا الاسم « فاصبر لحكم ربك » وهو إمهالهم وتأخير نصرتك عليهم « ولا تكن كصاحب
____________________
(١) أنوار التنزيل ٢ : ٥٣٧.
(٢) مجمع البيان ١٠ : ٣٣٢ ، أقول : ذكر الطبرسي زائدا على ما قال البيضاوي : أنه اسم من أسماء السورة ، وقيل : هو حرف من حروف الرحمن ، وقيل : لوح من نور.
(٣) في المصدر : وبالمعنى الثانى.
(٤) في المصدر : وإجراؤه.
(٥) أى جودة الرأى.
(٦) في المصدر : في أيهما يوجد من يستحق هذا الاسم.