أولها : كثرة الدلائل والمعجزات ، وهو المراد من قوله : « أرسل رسوله بالهدى ».
وثانيها : كون دينه مشتملا على امور يظهر لكل أحد كونها موصوفة بالصواب والصلاح ، ومطابقة الحكمة وموافقة المنفعة في الدنيا والآخرة ، وهو المراد من قوله : « ودين الحق ».
وثالثها : صيرورة دينه مستعليا على سائر الاديان ، غالبا لاضداده ، قاهرا لمنكريه ، وهو المراد من قوله : « ليظهره على الدين ».
فإن قيل : ظاهر قوله : « ليظهره على الدين كله » يقتضي كونه غالبا لجميع الاديان وليس الامر كذلك ، فإن الاسلام لم يصر غالبا لسائر الاديان في أرض الهند والروم والصين وسائر أراضي الكفرة.
فالجواب عنه من وجوه :
الاول : أنه لا دين لخلاف الاسلام (١) ، إلا وقد قهرهم المسلمون ، وظهروا عليهم في بعض المواضع وإن لم يكن ذلك في جميع مواضعهم ، فقهروا اليهود وأخرجوهم من بلاد العرب ، وغلبوا النصارى على بلاد الشام وما والاها إلى ناحية الروم ، وغلبوا المجوس على ملكهم ، وغلبوا عباد الاصنام على كثير من بلادهم مما يلي الترك والهند ، وكذلك سائر الاديان ، فثبت أن الذي أخبر الله عنه في هذه الآية قد وقع وحصل ، فكان ذلك إخبارا عن الغيب فكان معجزا.
الثاني : أنه روي عن أبي هريرة أنه قال : هذا وعد من الله بأنه تعالى يجعل الاسلام غالبا على جميع الاديان ، وتمام هذا إنما يحصل عند خروج عيسى عليهالسلام.
وقال السدي : ذلك عند خروج المهدي ، لا يبقى أحد إلا دخل في الاسلام أو أدى الخراج.
الثالث : أن المراد ليظهر الاسلام على الدين كله في جزيرة العرب ، وقد حصل ذلك ، فإنه تعالى ما أبقى فيها أحدا من الكفار.
__________________
(١) في المصدر : بخلاف الاسلام.