نعم : بعث اليه معاوية باكثر من خمسين الف ، ووعده عند مجيئه اليه بمثلها فانسلّ الى معاوية في جنح الظلام ، وأصبح الناس ولا أمير لهم فصلّى بهم قيس ، وهوّن عليهم ، هذه الفادحة أوهت عزيمة الجيش ، وهيأتهم للهزيمة. قبل النضال وقل ساعد الله قلبك يا ابامحمّد كيف تحمّلت هذه الرزايا التي اقبلت عليك متتابعة كقطع الليل ، وصار معاوية يعمل بهذه الخطة مع كل بارز من الشيعة ورجالهم و ابطالهم فأستمالهم اليه جميعا ، ولم يستعص عليه ويسلم من مكره وحبائله الاّ عدد قليل لا يتجاوز العشرة كقيس بن سعد ؛ وحجر بن عدي وامثالهم من ناطحوا صخرة الظلم والظلال براسخ ايمانهم ، وما اختلجهم الشك في كفر معاوية وأبيه و بنيه. طرفة عين وكان قيس « اقسم بالله أن لايلقى معاوية الاّ وبينهما الرمح او السيف » في قضية معروفة هذا « أول » تدبير أتخذه معاوية للغلبة على الحسن عليهالسلام واستبداده بالامر واغتصاب الخلافة منه.
« و الثاني » و هي حيلة تأثيرها أشد من الاولى استطابها السواد الاعظم وانجرف اليها الرأى العام تلك دعوى معاوية الحسن عليهالسلام الى الصلح ، نعم : اشد مافت في عضد الحسن طلب معاوية الصلح ، فقد كانت أفتك غيلة وأهلك حيلة لأن المال كان يستميل به معاوية عيون الرجال ، والخواصّ منهم.
اما العامّة فلا ينالهم منه شيء ولكن
الناس كانوا قد عضّتهم انياب الحروب حتى أبادت خيارهم ، وأخرجت ديارهم ، في أقل من خمس سنين ثلاثة حروب ضروس : الجمل ، وصفين ، والنهروان ، فاصبحت الدعوة الى الحرب ثقلية وبيلة والدعوة الى الصلح والراحة لذيذة مقبولة ، وهنا تأزّمت ظروفه سلام الله عليه وحاسب الموقف حسابا دقيقاً ، حساب الناظر المتدبر في العواقب فوضع الرفض والقبول في كفتى الميزان ليرى لأيّها الرجحان ، فوجد أنه لو رفض الصلح وأصرّ على الحرب ، فلا يخلو أما أن يكون هو الغالب ، ومعاوية المغلوب وهذا وان كانت