وأذب عن رسول الله صلىاللهعليهوآله بالسيف ، وأرمي بالقوس حتى خلصت إلي الجراح فرأيت على عاتقها جرحا أجوف له غور فقلت : يا أم عمارة من أصابك بهذا؟ قالت : أقبل ابن قميئة وقد ولى الناس عن رسول الله يصيح دلوني على محمد ، لا نجوت إن نجا ، فاعترض له مصعب بن عمير وناس معه فكنت فيهم فضربني هذه الضربة ، ولقد ضربته على ذاك ضربات ، ولكن عدو الله كان عليه درعان ، فقلت لها : يدك ما أصابها؟ قال : أصيبت يوم اليمامة ، لما جعلت الاعراب تهزم بالناس نادت الانصار : اخلصونا ، فاخلصت الانصار ، فكنت معهم حتى انتهينا إلى حديقة الموت فاقتتلنا عليها ساعة حتى قتل أبودجانة على باب الحديقة ودخلتها ، وأنا أريد عدو الله مسيلمة فتعرض لي رجل فضرب يدي فقطعها ، فوالله ما كانت لي ناهية ، ولا عرجت عليها حتى وقفت على الخبيث مقتولا ، وابني عبدالله بن زيد يمسح سيفه بثيابه ، فقلت : أقتلته؟ قال : نعم ، فسجدت شكرالله عزوجل وانصرفت.
قال : وكان ضمرة بن سعيد يحدث عن آبائه ، عن جدته وكانت قد شهدت أحدا تسقي الماء قالت : سمعت رسول الله (ص) يقول يومئذ : « لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان » وكان يراها يومئذ تقاتل أشد القتال حتى جرحت ثلاثة عشر جرحا.
قال ابن أبي الحديد : قلت : ليت الراوي لم يكن هذه الكناية وكان يذكر من هما بأسمائهما حتى لا يترامى الظنون إلى أمور مشتبهة ومن أمانة الحديث(١) أن يذكر الحديث على وجهه ولا يكتم منه شيئا ، فما باله كتم اسم هذين الرجلين(٢)؟!
أقول : إن الراوي لعله كان معذورا في التكنية باسم الرجلين تقية ، وكيف كان يمكنه التصريح باسم صنمي قريش وشيخي المخالفين الذين كانوا يقدمونهما على أميرالمؤمنين عليهالسلام؟ مع أن كنايته أبلغ من الصريح ، إذ ظاهر أن الناس كانوا
___________________
(١) في المصدر : وكان يذكرهما باسمهما حتى لا تترامى الظنون إلى امور مشتبهة ، ومن امانة المحدث ا ه.
(٢) شرح نهج البلاغه ٣ : ٣٧٤ ـ ٣٧٧.