لا يبالون بذكر أحد من الصحابة بما كان واقعا إلا بذكرهما وذكر ثالثهما ، وأما سائر بني أمية وأجداد سائر خلفاء الجور فلم يكونوا حاضرين في هذا المشهد في عسكر المسلمين حتى يكنى بذكرهم تقية من أولادهم وأتباعهم ، وقد تقدم في رواية علي بن إبراهيم ذكر الثالث أيضا معهما ، وذكره كان أولى ، لان فراره كان اعرض وسيأتي القول في ذلك.
رجعنا إلى كلام ابن أبي الحديد :
قال : روي الواقدي بإسناده عن عبدالله بن زيد قال : شهدت أحدا مع رسول الله (ص) فلما تفرق الناس عنه دنوت منه وأمي تذب عنه ، فقال : ابن أم عمارة؟ قلت : نعم ، قال : ارم ، فرميت بين يديه رجلا من المشركين بحجر وهو على فرس فأصيب عين الفرس فاضطرب الفرس حتى وقع هو وصاحبه ، وجعلت أعلوه بالحجارة حتى نضدت عليه منها وقرا(١) ، والنبي صلىاللهعليهوآله ينظر إلي ويتبسم ، فنظر إلى جرح بأمي على عاتقها ، فقال : « أمك أمك اعصب جرحها ، بارك الله عليكم من أهل بيت ، لمقام أمك ، خير من مقام فلان وفلان ، ومقام ربيبك ـ يعني زوج أمه ـ خير من مقام فلان وفلان ، ومقامك خير من مقام فلان وفلان ، رحمكم الله أهل البيت » فقالت أمي : ادع الله لنا يا رسول الله أن نرافقك في الجنة ، فقال : « اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة » قالت : فما أبالي ما أصابني من الدنيا ، قال الواقدي : وأقبل وهب بن قابوس المزني ومعه ابن اخيه الحارث بن عقبة بغنم لهما من جبل جهينة(٢) فوجدا المدينة خلوا ، فسألا أين الناس؟ قالوا : بأحد ، خرج رسول الله (ص) يقاتل المشركين من قريش. فقالا : لا نبتغي أثرا بعد عين ، فخرجا حتى أتيا النبي صلىاللهعليهوآله بأحد فوجدوا القوم يقتتلون ، والدولة لرسول الله (ص) وأصحابه. فأغارا مع المسلمين في النهب ، وجاءت الخيل من ورائهم خالد وعكرمة فاختلط الناس ، فقاتلا أشد
___________________
(١) نضد متاعه ، جعل بضعه فوق بعض. والوقر : الحمل الثقيل. اى رميته بالحجر حتى اجتمعت عليه احجار كثيرة ثقلت عليه.
(٢) في المصدر : من جبل مزينة.