القتال فانفرقت فرقة من المشركين ، فقال رسول الله (ص) : من لهذه الفرقة؟ فقال وهب : أنا ، فقام فرماهم بالنبل حتى انصرفوا ، ثم رجع فانفرقت فرقة أخرى ، فقال صلىاللهعليهوآله : من لهذه الكتيبة؟ فقال المزني : أنا يا رسول الله ، فقام فذبها بالسيف حتى ولت ، ثم رجع فطلعت كتيبة أخرى ، فقال صلىاللهعليهوآله : من يقوم لهؤلاء؟ فقال المزني : أنا يا رسول الله ، فقال : قم وأبشر بالجنة ، فقام مسرورا يقول : والله لا اقيل ولا استقيل ، فجعل يدخل فيهم ويضرب بالسيف ورسول الله (ص) ينظر إليه والمسلمون حتى خرج من أقصى الكتيبة ، ورسول الله يقول : « اللهم ارحمه » ثم يرجع فيهم ، فما زال كذلك وهم محدقون به حتى اشتملت عليه أسيافهم ورماحهم فقتلوه ، فوجد به يومئذ عشرون طعنة بالرماح كلها قد دخلت إلى مقتل(١) ، ومثل به أقبح المثل يومئذ ، ثم قام ابن أخيه فقاتل كنحو قتاله حتى قتل.
وقال سعد بن أبي وقاص : أشهد لرأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله واقفا على المزني وهو مقتول وهو يقول : « رضى الله عنك فاني عنك راض » ثم رأيت رسول الله (ص) قام على قدميه وقد ناله من ألم الجراح ما ناله على قبره(٢) حتى وضع في لحده و عليه بردة لها أعلام حمر ، فمد رسول الله (ص) البردة على رأسه فخمره وأدرجه فيها طولا ، فبلغت نصف ساقيه ، فأمرنا فجمعنا الحرمل فجعلناه على رجليه وهو في لحده ، ثم انصرف.
قال الواقدي : وأقبل ضرار بن الخطاب فضرب عمر بن الخطاب لما جال المسلمون تلك الجولة بالقناة ، وقال : يا ابن الخطاب إنها نعمة مشكورة ما كنت لاقتلك.
قال : وقال علي عليهالسلام : لما كان يوم أحد وجال الناس تلك الجولة أقبل أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة وهو دارع مقنع في الحديد ما يرى منه إلا عيناه ، وهو يقول : يوم بيوم بدر ، فعرض له رجل من المسلمين فقتله أمية ، فصمدت له
___________________
(١) في المصدر : قد خلصت إلى مقتل.
(٢) في المصدر : وقد ناله من الم الجراح ما ناله ، وانى لاعلم ان القيام يشق عليه على قبره.