عطف على اسم الله « الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد » أي المقيم والطارئ « ومن يرد فيه » مما ترك مفعوله ليتناول كل متناول « بإلحاد » عدول عن القصد « بظلم » بغير حق ، وهما حالان مترادفان ، أو الثاني بدل من الاول بإعادة الجار أو صلة له ، أي ملحدا بسبب الظلم كالاشراك واقتراف الآثام « ندقه من عذاب اليم » جواب لمن(١).
وقال الطبرسي رحمهالله : قيل : إن الآية نزلت في الذين صدوا رسول الله صلىاللهعليهوآله عام الحديبية(٢).
وقال رحمهالله في قوله تعالى : « إن الذين يبايعونك » : المراد بالبيعة هنا بيعة الحديبية ، وهي بيعة الرضوان بايعوا رسول الله صلىاللهعليهوآله على الموت « إنما يبايعون الله » يعني أن المبايعة معك تكون مبايعة مع الله ، لان طاعتك طاعة الله ، وإنما سميت بيعة لانها عقدت على بيع أنفسهم بالجنة للزومهم في الحرب النصرة « يد الله فوق أيديهم » أي عقد الله في هذه البيعة فوق عقدهم ، لانهم بايعوا الله ببيعة نبيه فكأنهم بايعوه من غير واسطة ، وقيل : معناه قوة الله في نصرة نبيه فوق نصرتهم أياه ، أي ثق بنصرة الله لك لا بنصرتهم وإن بايعوك ، وقيل : نعمة الله عليهم بنبيه فوق أيديهم بالطاعة والمبايعة ، وقيل : يد الله بالثواب وما وعدهم على بيعتهم من الجزاء فوق أيديهم بالصدق والوفاء « فمن نكث » أي نقض ما عقد من البيعة « فإنما ينكث على نفسه » أي يرجع ضرر ذلك النقض عليه ، وليس له الجنة ولا كرامة « ومن أوفي » أي ثبت على الوفاء « بما عاهد عليه الله » من البيعة « فسيؤتيه أجرا عظيما » أي ثوابا جزيلا « سيقول لك المخلفون من الاعراب » أي الذين تخلفوا عن صحبتك في وجهتك وعمرتك ، وذلك أنه صلىاللهعليهوآله لما أراد المسير إلى مكة عام الحديبية معتمرا وكان في ذي القعدة من سنة ست من الهجرة استنفر من حول المدينة من الاعراب إلى الخروج معه ، وهم غفار وأسلم ومزينة وجهينة و
___________________
(١) انوار التنزيل ٢ : ١٠٠.
(٢) مجمع البيان ٧ : ٨٠ فيه : صدوا رسول الله صلىاللهعليهوآله عن مكة عام الحديبية.