أشجع والدئل ، حذرا من قريش أن يعرضوا له بحرب ، أو بصد ، وأحرم بالعمرة ، وساق معه الهدي ليعلم الناس أنه لا يريد حربا ، فتثاقل عنه كثير من الاعراب فقالوا : نذهب معه إلى قوم قد جاؤه وقتلوا أصحابه فتخلفوا عنه واعتلوا بالشغل ، فقال سبحانه : إنهم يقولون لك إذا انصرفت إليهم فعاتبتهم على التخلف عنك : « شغلتنا أموالنا وأهلونا » عن الخروج معك « فاستغفر لنا » في قعودنا عنك فكذبهم الله تعالى فقال : « يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم » أي لا يبالون استغفر لهم النبي أم لا « قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا » أي غنيمة(١) ، وذلك أنهم ظنوا أن تخلفهم عن النبي صلىاللهعليهوآله يدفع عنهم الضر ، أو يعجل لهم النفع بالسلامة في أنفسهم وأموالهم ، فأخبرهم سبحانه أنه إن أراد بهم شيئا من ذلك لم يقدر أحد على دفعه عنهم « بل كان الله بما تعملون خيبرا » أي عالما بما كنتم تعملون في تخلفكم « بل ظننتم أن لن يتقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا » أي ظننتم أنهم لا يرجعون إلى من خلفوا بالمدينة من الاهل والاولاد ، لان العدو يستأصلهم ويصطلمهم « وزين ذلك في قلوبكم » أي زين الشيطان ذلك الظن في قلوبكم « و ظننتم ظن السوء » في هلاك النبي صلىاللهعليهوآله والمؤمنين ، وكل هذا من الغيب الذي لا يطلع عليه أحد إلا الله ، فصار معجزا لنبينا صلىاللهعليهوآله « وكنتم قوما بورا » أي هلكى لا تصلحون لخير ، وقيل : قوما فاسدين.
« سيقول المخلفون » يعني هؤلاء « إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها » يعني غنائم خيبر « ذرونا نتبعكم » أي اتركونا نجئ معكم ، وذلك أنهم لما انصرفوا من الحديبية بالصلح وعدهم الله سبحانه فتح خيبر وخص بغنائمها من شهد الحديبية ، فلما انطلقوا اليها قال هؤلاء المخلفون : « ذرونا نتبعكم » فقال سبحانه : « يريدون أن يبدلوا كلام الله » أي مواعيد الله لاهل الحديبية بغنيمة خيبر خاصة ، أرادوا تغيير ذلك بأن يشاركوهم فيها ، وقيل : يريد أمر الله لنبيه أن لا يسير معه منهم أحد « قل
___________________
(١) فيه اختصار ، والموجود في المصدر : اى فمن يمنعكم من عذاب الله ان اراد بكم سوءا او نفعا ، اى غنيمة ، عن ابن عباس.