فأخذهم رسول الله (ص) وأعتقهم ، عن أنس وقيل : كان رسول الله (ص) جالسا في ظل شجرة وبين يديه علي عليهالسلام يكتب كتاب الصلح فخرج ثلاثون شابا عليهم السلاح ، فدعا عليهم النبي (ص) فأخذ الله تعالى بأبصارهم فقمنا فأخذناهم فخلى صلىاللهعليهوآله سبيلهم ، فنزلت هذه الآية عن عبدالله بن المغفل « وأيديكم عنهم » بالنهي « من بعد أن أظفركم عليهم » ذكر الله تعالى منته على المؤمنين بحجزه بين الفريقين حتى لم يقتتلا ، وحتى اتفق بينهم الصلح الذي كان أعظم من الفتح « وصدوكم عن المسجد الحرام » أن تطوفوا وتحلوا من عمرتكم ، يعني قريشا « والهدي معكوفا أن يبلغ محله » أي و صدوا الهدي وهي البدن التي ساقها رسول الله صلىاللهعليهوآله معه ، وكانت سبعين بدنة حتى بلغ ذا الحليفة ، فقلد البدن التي ساقها وأشعرها وأحرم بالعمرة حتى نزل بالحديبية ومنعه المشركون ، وكان الصلح ، فلما تم الصلح نحروا البدن ، وذلك قوله : « معكوفا » أي محبوسا من « أن يبلغ محله »(١) أي منحره يعني مكة « ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات » يعني المستضعفين الذين كانوا بمكة بين الكفار من أهل الايمان « لم تعلموهم » بأعيانهم لاختلاطهم بغيرهم « أن تطؤهم » بالقتل وتوقعوا بهم « فتصيبكم منهم معرة » أي إثم وجناية ، أو عيب يعيبكم المشركون بأنهم قتلوا أهل دينهم ، وقيل : هي غرم الدية والكفارة في قتل الخطاء عن ابن عباس ، وذلك أنهم لو كبسوا(٢) مكة وفيها قوم مؤمنون لم يتميزوا من الكفار ولم يأمنوا أن يقتلوا المؤمنين فتلزمهم الكفارة ، وتلحقهم السيئة بقتل من على دينهم ، فهذه المعرة التي صان الله المؤمنين عنها ، وجواب « لولا » محذوف وتقديره : لولا المؤمنون الذين لم تعلموهم لوطأتم رقاب المشركين بنصرنا إياكم ، وقوله : « بغير علم » موضعه التقديم ، لان التقدير لولا أن تطؤهم بغير علم وقوله : « ليدخل الله في رحمته من يشاء » اللام متعلق بمحذوف دل عليه معنى الكلام ، تقديره فحال بينكم وبينهم ليدخل الله في رحمته من يشاء ، يعني من أسلم من الكفار بعد الصلح ، وقيل : ليدخل الله في رحمته أولئك
___________________
(١) في المصدر : فذلك قوله « معكوفا » اى محبوسا عن « ان يبلغ محله ».
(٢) الغرم : ما يلزم اداؤه من المال. كبسوا مكة اى هجموا عليها بغتة.