بسلامتهم من القتل ، ويدخل هؤلاء في رحمته بسلامتهم من الطعن والعيب « لو تزيلوا » أي لو تميز المؤمنون من الكافرين « لعذبنا الذين كفروا منهم » أي من أهل مكة « عذابا أليما » بالسيف والقتل بأيديكم ، ولكن الله يدفع بالمؤمنين عن الكفار « إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية » إذ يتعلق بقوله : « لعذبنا » أي لعذبنا الذين كفروا وآذنا لك في قتالهم حين جعلوا قلوبهم الانفة التي تحمى الانسان ، أي حميت قلوبهم بالغضب ، ثم فسر تلك الحمية فقال : « حمية الجاهلية » أي عادة آبائهم في الجاهلية أن لا يذعنوا لاحد ولا ينقادوا له ، وذلك أن كفار مكة قالوا : قد قتل محمد وأصحابه اباءنا وإخواننا ويدخلون علينا في منازلنا فتتحدث العرب أنهم دخلوا علينا على رغم أنفنا ، واللات والعزى لا يدخلونها علينا ، فهذه حمية الجاهلية التي دخلت قلوبهم ، وقيل : هي أنفتهم من الاقرار لمحمد صلىاللهعليهوآله بالرسالة ، والاستفتاح ببسم الله الرحمن الرحيم ، حيث أراد أن يكتب كتاب العهد بينهم عن الزهري « فأنزل الله سكينته » إلى قوله : « كلمة التقوى » وهي قول : لا إله إلا الله « وكانوا أحق بها وأهلها » قيل : إن فيه تقديما وتأخيرا ، والتقدير كانوا أهلها وأحق بها ، أي كان المؤمنون أهل تلك الكلمة وأحق بها من المشركين ، وقيل : كانوا أحق بنزول السكينة عليهم وأهلا لها ، وقيل : كانوا أحق بمكة أن يدخلوها وأهلها « وكان الله بكل شئ عليما » لما ذم الكفار بالحمية ، ومدح المؤمنين بلزوم الكلمة والسكينة بين علمه ببواطن سرائرهم وما ينطوي عليه عقد ضمائرهم « لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق » قالوا : إن الله تعالى أرى نبيه في المنام بالمدينة قبل أن يخرج إلى الحديبية أن المسلمين دخلوا المسجد الحرام ، فأخبر بذلك أصحابه ، ففرحوا وحسبوا أنهم دخلو مكة عامهم ذلك ، فلما انصرفوا ولم يدخلوا مكة قال المنافقون : ما حلقنا ولا قصرنا ولا دخلنا المسجد الحرام ، فأنزل الله هذه الآية ، وأخبر أنه أرى رسوله الصدق في منامه لا الباطل ، وإنهم يدخلونه ، وأقسم على ذلك فقال : « لتدخلن المسجد الحرام » يعني العام المقبل « إن شاء الله » قال أبوالعباس : (١) استثنى الله فيما يعلم
___________________
(١) في المصدر : قال ابوالعباس ثعلب.