ليستشنى الناس فيما لا يعلمون ، وقيل : إن الاستثناء من الدخول ، وكان بين نزول الآية و الدخول سنة. وقد مات منهم ناس في السنة ، فيكون تقديره ليدخلن كلكم إن شاء الله ، إذ علم أن منهم من يموت قبل السنة أو يمرض فلا يدخلها فأدخل الاستثناء لئلا يقع في الخبر خلف ، وقيل : إن الاستثناء داخل على الخوف والامن ، فأما الدخول فلا شك فيه ، وتقديره لتدخلن(١) آمنين من العدو إن شاء الله ، وقيل : إن « إن » هيهنا بمعنى « إذ » أي إذ شاء الله حين أرى رسوله ، ذلك عن أبي عبيدة « محلقين رؤسكم ومقصرين » أي محرمين يحلق بعضكم رأسه ، ويقصر بعض ، وهو أن يأخذ بعض الشعر « لا تخافون » مشركا « فعلم » من الصلاح في صلح الحديبية « ما لم تعلموا » وقيل : علم في تأخير دخول المسجد الحرام من الخير والصلاح ما لم تعلموا أنتم(٢) ، وهو خروج المؤمنين من بينهم ، وغير ذلك « فجعل من دون ذلك » أي قبل الدخول « فتحا قريبا » يعني فتح خيبر ، أو صلح الحديبية(٣).
ثم قال رحمهالله : قصة فتح الحديبية : قال ابن عباس : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله خرج يريد مكة ، فلما بلغ الحديبية وقفت ناقته وزجرها فلم تنزجز ، وبركت الناقة ، فقال أصحابه : خلات الناقة ، (٤) فقال صلىاللهعليهوآله : «ما هذا لها عادة ، ولكن حبسها حابس الفيل» ودعا عمر بن الخطاب ليرسله إلى أهل مكة ليأذنوا له بأن يدخل مكة ويحل من عمرته وينحر هديه ، فقال : يا رسول الله ما لي بها حميم ، وإني أخاف قريشا لشدة(٥) عداوتي أياها ، ولكن أدلك على رجل هو أعز بها مني : عثمان بن عفان ، فقال : صدقت ، فدعا رسول الله صلىاللهعليهوآله عثمان فأرسله إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب ، وإنما جاء زائرا لهذا البيت ، معظما لحرمته ، (٦) فاحتبسته
___________________
(١) في المصدر : لتدخلن المسجد الحرام آمنين.
(٢) في المصدر : ما لم تعلموه انتم.
(٣) مجمع البيان ٩ : ١٢٦.
(٤) أى بركت ولم تبرح من مكانها.
(٥) شدة خ ل.
(٦) في سيرة ابن هشام ٣ : ٣٦٣ : فخرج عثمان إلى مكة فلقيه ابان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة او قبل ان يدخلها فحمله بين يديه ثم اجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صلىاللهعليهوآله اه.