فأرسلوا إليه سهيل بن عمر وحويطب بن عبدالعزى ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله فأثيرت في وجوههم البدن ، فقالا : مجئ من جئت؟ قال : « جئت لاطوف بالبيت ، وأسعى بين الصفا والمروة ، وأنحر البدن ، وأخلي بينكم وبين لحمانها » فقالا : إن قومك يناشدونك الله والرحم أن تدخل عليهم بلادهم بغير إذنهم ، وتقطع أرحامهم ، وتجرئ عليهم عدوهم ، قال : فأبى عليهما رسول الله صلىاللهعليهوآله إلا أن يدخلها ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله أراد أن يبعث عمر(١) فقال : يا رسول الله إن عشيرتي قليل وإني فيهم على ما تعلم ، ولكني أدلك على عثمان بن عفان ، فأرسل إليه رسول الله فقال : « انطلق إلى قومك من المؤمنين فبشرهم بما وعدني ربي من فتح مكة »(٢) فلما انطلق عثمان لقى أبان بن سعيد فتأخر عن السرج(٣) ، فحمل(٤) عثمان بين يديه ودخل عثمان فأعلمهم ، وكانت المناوشة ، فجلس سهيل بن عمرو عند رسول الله (ص) وجلس عثمان في عسكر المشركين ، وبايع رسول الله (ص) المسلمين وضرب بإحدى يديه على الاخرى لعثمان ، وقال المسلمون : طوبى لعثمان قد طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وأحل ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « ما كان ليفعل » فلما جاء عثمان قال له رسول الله (ص) : «أطفت بالبيت؟» فقال : ما كنت لاطوف بالبيت ورسول الله صلىاللهعليهوآله لم يطف به ، ثم ذكر القضية(٥) وما كان فيها.
___________________
(١) ذكر ذلك ايضا أصحاب السير في كتبهم. فتراه في حاله هذا لا يجرء على أن يأتى قريش ، ويبلغهم رسالة النبى صلىاللهعليهوآله ويقول صريحا كما في سيرة ابن هشام : « إنى أخاف قريشا على نفسى » ولكن حين يرى انه التأم أمر الصلح يثب ويرفع عقيرته ويقول للنبى الاعظم صلى الله عليه وآله : ألست برسول الله؟ ألسنا بالمسلمين؟ أوليسوا بالمشركين؟ فعلام نعطى الدنية في ديننا؟! هذا دأب الخليفة الثانى ، يجبن في مواطن تحتاج إلى التجرؤ والشجاعة ، ويتشجع في موطن تصلح فيه المداراة والاناة.
(٢) في السيرة : بعثه إلى ابى سفيان اشراف قريش يخبرهم انه لم يأت لحرب ، وانه انما جاء زائرا لهذا البيت ومعظما له.
(٣) في المصدر : عن السرح. اقول أى عن الماشية.
(٤) وحمل خ ل.
(٥) القصة خ ل. أقول : يوجد ذلك في المصدر.