أشرفها ، وإنما مثلها فيما جاء به كمثل الرأس للمسجد ، فما حال جسد لا رأس له؟ فأمهل رويدا نتجسس الاخبار ونعتبر الآثار ونستشف ما ألفينا مما أفضي إلينا فإن آنسنا الآية الجامعة الخانمة لديه فنحن إليه أسرع ، وله أطوع ، وإلا فاعلم ما تذكر به النبوة والسفارة عن الرب الذي لا تفاوف في أمره ولا تغاير في حكمه. قال له حارثة : قد ناديت فأسمعت ، وقرعت فصدعت ، وسمعت وأطعت فما هذه الآية التي أوحش بعد الآنسة(١) فقدها ، وأعقب الشك بعد البينة عدمها؟. قال له العاقب : قد أثلجك(٢) أبوقرة بها ، فذهبت عنها في غير مذهب وحاورتنا فأطلت في غير ماطائل حوارنا(٣).
قال حارثة ، وأني ذلك فجلها الآن لي فداك أبي وأمي.
قال العاقب : أفلح من سلم للحق ، وصدع به ، ولم يرغب عنه ، وقد أحاط به علما ، فقد علمنا وعلمت من أبناء الكتب المستودعة علم القرون وما كان وما يكون فإنها استهلت(٤) بلسان كل أمة منهم معربة مبشرة ومنذرة بأحمد النبي العاقب الذي تطبق أمته المشارق والمغارب ، يملك وشيعته من بعده ملكا مؤجلا ، يستأثر مقتبلهم(٥) ملكا على الاحم منهم بذلك النبي تباعة وبيتا ويوسع من بعدهم أمتهم عدوانا وهضما ، فيملكون بذلك سبتا طويلا حتى لا يبقى بجزيرة العرب بيت إلا و هو راغب إليهم أو راهب لهم ، ثم يدال بعد لاي(٦) منهم ويشعث سلطانهم حدا حدا(٧) ، وبيتا فبيتا حتى تجئ أمثال النغف من الاقوام فيهم ، ثم يملك أمرهم
____________________
(١) الانسية خ ل. (٢) نبهك خ ل.
(٣) الحوار والمحاورة : المجاوبة.
(٤) استهل الصبى : رفع صوته بالبكاء : وكذا كل متكلم رفع صوته : أى فانها بنيت ورفع ذكرها بلسان كل امة.
(٥) اقتبل الكلام : ارتجله. الامر : استأنفه ولعل المعنى يستبد بالملك الذي يستأنف الملك منهم وهو اشارة إلى معاوية ومن بعده من بني امية ، ويقال ايضا اقتبل الرجل اى صار عاقلا وكيسا بعد ان كان احمق ويأتى احتمال آخر من المنصف في تفسير الفاظ الحديث.
(٦) اللاى : الشدة والمحنة. (٧) جدا جدا.