صنيع(١) المال يزول بزواله ، يا كميل هلك خزان الاموال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم مفقودة ، وأمثالهم في القلوب موجودة ، ها(٢) إن ههنا وأشار بيده إلى صدره ـ لعلما جما ، لو أصبت له حملة ، بلى اصيب(٣) لقنا غير مأمون عليه ، مستعملا(٤) آلة الدين للدنيا ، ومستظهرا بنعم الله على عباده وبحججه على أوليائه ، أو منقادا لحملة(٥) الحق لا بصيرة له في أحنائه ، ينقدح الشك في قلبه لاول عارض من شبهة الامة(٦) لا ذا ولا ذاك ، أو منهوما باللذة سلس القياد للشهوة(٧) أو مغرما بالجمع والادخار ليسا من رعاة الدين في شئ أقرب شبهابهما الانعام السائمة ، كذلك يموت العلم بموت حامليه ، اللهم بلى لا تخلو الارض من قائم لله بحججه ، إما ظاهرا مشهورا ، أو خائفا مغمورا(٨) لئلا تبطل حجج الله وبيناته ، وكم ذا وأين اولئك؟ اولئك والله الاقلون عددا ، و الاعظمون قدرا(٩) بهم يحفظ الله حججه وبيناته ، حتى يودعوها نظراءهم ، و يزرعوها في قلوب أشباههم ، هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة ، وباشروا(١٠) روح اليقين ، واستلانوا ما استوعر المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، و صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الاعلى ، يا كميل اولئك خلفاء الله
____________________
(١) في المصدر : ومنفعة المال تزول بزواله.
(٢) في المصدر : هاه.
(٣) في المصدر : [ بل اصبت ] وفى النهج : بلى اصيب.
(٤) في المصدر : يستعمل آلة الدين في الدنيا ، ويستظهر بحجج الله عزوجل على خلقه وبنعمته على عباده لتتخذ الضعفاء وليجة دون ولى الحق ، او منقادا.
(٥) في نسخة مصححة من المصدر : او منقادا لجملة الحق.
(٦) هكذا في نسخة مصححة من المصدر ، وفى المطبوع : من شبهة ، الا لا ذا ولا ذاك.
(٧) في المصدر : او منهوما باللذات ، سلس القياد للشهوات.
(٨) في المصدر : اما ظاهر مشهور او خاف معمور.
(٩) في المصدر : [ والاعظمون خطرا ] اقول : اى قدرا.
(١٠) في المصدر : هجم بهم العلم على حقائق الامور فباشروا.