نعم ، إنّ الإنسان ليشعر شعوراً قوياً لا يعتريه ريبٌ بأنّه ليس مجرد آلة لا يملك زمامَ نفسه . وهذا الشعور يصاحبه إدراك لهذا المعنىٰ لا يقلُّ في وضوحه وتجلّيه عن درجة الوضوح في ذلك الشعور ، ومع ذلك الشعور يمكن أن يُقال بأنه لا يملك الحرية المطلقة في تصميم مسيرته الحياتية ، سواء في المواقف التي يتخذها أم في إدارته لشؤونه العامة والخاصة ، إذ يدرك الإنسان بهذا القدر أو ذاك أنَّ كثيراً من الأمور تفلت من زمام قيادته ، أو تحدث بخلاف رغبته وإرادته .
وهذا الكتاب يتبنّىٰ بسط وجهات النظر المتباينة في هذا الموضوع المثير ، ومناقشتها ، آخذاً بنظر الاعتبار تبسيط العبارة ، واختصار الطريق إلىٰ تحصيل المعاني الواضحة ، مُعتمِداً أهم المصادر وأوثقها .
وقد تقسم البحث على فصول أربعة : تناول في أولها الحتمية التاريخية والحتمية الكونية .
وتناول في الثاني موقف القرآن الكريم من مسألة ( الحتمية ) و ( استقلال الإنسان ) .
وفي الثالث تناول مذهب أهل البيت ( الأمر بين الامرين ) متعرضاً إلىٰ جهات الصراع العقيدي في الموضوع .
وفي الرابع والأخير تناول دور أهل البيت : في موقع الدفاع عن التوحيد والعدل .
وانتهى الكتاب بخاتمة مناسبة .
ومنه تعالىٰ نستمد العون والتوفيق