وبنفس المنطق واجه معاوية عائشة لما اعترضت عليه في أمر تنصيب يزيد خليفة علىٰ المسلمين من بعده . قال لها : ( إنّ أمر يزيد قضاء من القضاء ، وليس للعباد الخيرة من أمرهم ) (١) .
وقد نهض بعض العلماء لمواجهة تيار الجبر الذي تبناه بنو أُميّة ، وكان أشهر هؤلاء معبد الجهني من العراق ، وغيلان الدمشقي من الشام . عُرف عنهم القول بالاختيار وحرية الإرادة والدعوة إلىٰ هذا الرأي .
وقد خرج معبد علىٰ الأمويين مع ابن الأشعث فقتله الحجاج . وأمّا غيلان فقد أحضره هشام بن عبد الملك الخليفة الأموي واستنطقه فصلبه بعد أن قطع يديه ورجليه .
وكان الحسن البصري فيما يظهر علىٰ هذا الرأي ـ الاختيار ـ .
يقول المقريزي : إنّ عطاء بن يسار ومعبد الجهني دخلا علىٰ الحسن البصري ، فقالا له : إنّ هؤلاء ( حكام بني أُميّة ) يسفكون الدماء ، ويقولون : إنّما تجري أعمالنا علىٰ قدر الله ! قال : كذب أعداء الله . فطعن عليه بهذا (٢)
وكان الحسن البصري يجاهر برأيه المعارض لسلطان بني أُميّة هنا وهناك ، فلمّا خوفوه من سطوة السلطان امتنع عن ذلك .
يقول ابن سعد في الطبقات عن أيوب ، قال : نازلت الحسن في القدر
________________
(١) الإمامة والسياسة ، لابن قتيبة ١ : ٢١٠ تحقيق شيري ـ بيروت ١٩٩٠ م .
(٢) الخطط ، للمقريزي ٢ : ٣٥٦ .