الأفعال من خلق الله ، وهذه النقطة هي المفترق بين مدرسة أهل البيت والمدرسة الجبرية المعروفة في التاريخ الإسلامي .
فقد كانوا يرون أنّ ما يصدر عن الإنسان من الأفعال صادر عن الله تعالىٰ في الحقيقة ومخلوق له ، وليس الإنسان إلّا ظرفاً لهذه الأفعال ولا شأن له بها غير ذلك ، وإنّما كانوا يصرّون علىٰ ذلك للاحتفاظ بأصل التوحيد ونفي وجود مصادر متعددة في الكون للأشياء وللأفعال ، وهذه المدرسة لا تنفي ( أصل العلّية ) رأساً ، ولكنّها لا تعرف للكون غير علّة واحدة وهو الله تعالىٰ ، وينسب كلّ شيء وكلّ فعل إلىٰ الله تعالىٰ مباشرة ، ويواجه المفيد رحمهالله هذا الاتجاه من الرأي بعنف ، ويرده من غير رفق .
استدلال الشيخ المفيد بالنصوص الواردة من أهل البيت علىٰ رفض النسبة :
يقول رحمهالله : ( الصحيح عن آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ أفعال العباد غير مخلوقة لله ) .
وقد روي عن أبي الحسن الثالث ( الإمام الهادي عليهالسلام ) أنّه سئل عن أفعال العباد . فقيل له هل هي مخلوقة لله تعالى ؟ فقال عليهالسلام : « لو كان خالقاً لها لما تبرأ منها وقد قال سبحانه : ( أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ) ( التوبة ٩ : ٣ ) ولم يُرد البراءة من خلق ذواتهم ، وإنّما تبرأ من شركهم وقبائحهم » .
وسأل أبو حنيفة أبا الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام عن أفعال العباد ممّن هي ؟
فقال أبو الحسن عليهالسلام : « إنّ أفعال العباد لا تخلو من ثلاثة منازل :