يعيش في دائرة قضاء الله وقدره بشكل كامل ، بما للقضاء والقدر من حتمية ونظام وتقدير .
روىٰ محمّد بن يعقوب الكليني مرفوعاً قال : كان أمير المؤمنين عليهالسلام جالساً بالكوفة بعد منصرفه من صفين إذ أقبل شيخ فجثى بين يديه وقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرنا عن مسيرنا إلىٰ أهل الشام أبقضاء من الله وقدر ؟ فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « أجل يا شيخ ، ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد إلّا بقضاء من الله وقدر » . فقال له الشيخ : عند الله أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين . فقال له : « مَه يا شيخ ، فو الله لقد عظّم الله لكم الأجر في مسيركم وأنتم سائرون ، وفي مقامكم وأنتم قائمون (١) ، وفي منصرفكم وأنتم منصرفون ، ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ولا إليه مضطرين » . فقال له الشيخ : وكيف لم نكن في شيء من حالاتنا مكرهين ولا إليه مضطرين وكان بالقضاء والقدر مسيرنا ومنقلبنا ومنصرفنا ؟
فقال عليهالسلام : « وتظنُّ أنّه كان قضاء حتماً وقدراً لازماً ؟ ! إنّه لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهي ، والزجر من الله ، وسقط معنىٰ الوعد والوعيد ، فلم تكن لائمة للمذنب ولا محمدة للمحسن ، ولكان المذنب حسن أولىٰ بالاحسان من المحسن ، ولكان المحسن أولىٰ بالعقوبة من المذنب ، تلك مقالة إخوان عبدة الأوثان ، وخصماء الرحمن ، وحزب الشيطان ، وقدرية هذه الاُمّة ومجوسها ، إنّ الله تبارك وتعالىٰ كلّف تخييراً ، ونهى تحذيراً ، وأعطىٰ علىٰ القليل كثيراً ، ولم يُعصَ مغلوباً ، ولم يُطعْ مكرهاً ، ولم يُملّك مفوّضاً ، ولم يخلق السموات والأرض وما بينهما باطلاً ،
________________
(١) في نسخة : مقيمون .