فوّض أمر الخلق والرزق إلىٰ حججه عليهمالسلام فقد قال بالتفويض ، فالقائل بالجبر كافر ، والقائل بالتفويض مشرك » . فقلت له : يا بن رسول الله فما أمر بين أمرين ؟ فقال عليهالسلام : « وجود السبيل إلى إتيان ما أمروا به وترك ما نهوا عنه » . فقلت له : فهل لله عزّ وجلّ مشيئة وإرادة في ذلك ؟ فقال عليهالسلام : « أمّا الطاعات فارادة الله ومشيئته فيها الامر بها والرضا لها والمعاونة عليها ، وإرادته ومشيئته في المعاصي النهي عنها والسخط لها والخذلان عليها » . قلت : فللّه عزّ وجلّ فيها القضاء ؟ قال عليهالسلام : « نعم ، ما من فعل يفعله العباد من خير وشرّ إلّا ولله فيه قضاء » . قلت : فما معنىٰ هذا القضاء ؟ قال عليهالسلام : « الحكم عليهم بما يستحقّونه علىٰ أفعالهم من الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة ، ولكن العبد إذا أصرّ علىٰ العصيان والتمرّد أحاله الله تعالىٰ إلىٰ نفسه ، وأوكله إليها ، وحجبه عن الايمان » .
روي من طريق الصدوق رضياللهعنه في ( العيون ) أنّه قال : حدّثنا عبد الواحد ابن محمد بن عبدوس العطار رضياللهعنه قال : حدّثنا محمّد بن علي بن قتيبة النيسابوري ، عن حمدان بن سليمان النيسابوري قال : سألت الرضا عليهالسلام عن قول الله عزّ وجلّ : ( فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا ) ( الانعام ٦ : ١٢٥ ) قال عليهالسلام : « من يرد الله أن يهديه بإيمانه في الدنيا إلىٰ جنّته ودار كرامته يشرح صدره للتسليم لله والثقة به والسكون علىٰ ما وعده من ثوابه حتى يطمئن إليه ومن يرد أن يضله عن جنته ودار كرامته في الآخرة لكفره به وعصيانه له في الدنيا يجعل صدره ضيّقاً حرجاً ، يشكّ في كفره ، ويضطرب من اعتقاده قلبه حتىٰ يصير كأنّما يصّعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس علىٰ الذين لا يؤمنون » ، وقد عرفت فيما مضىٰ المراد من شرح الصدر وضيقه .