ويستدفعوا البليات والاحوال الظاهرة كلها لاتوجب ذلك ولا تقتضيه ولا تستدعيه وإلا فعلوا ذلك فيمن يعتقدونهم ، وأكثرهم يعتقدون إمامته وفرض طاعته ، وإنه في الديانة موافق لهم غير مخالف ومساعد غير معاند.
ومن المحال أن يكونوا فعلوا ذلك لداع من دواعي الدنيا ، فان الدنيا عند غير هذه الطائفة موجودة وعندها هي مفقودة ولا لتقية واستصلاح فان التقية هي فيهم لا منهم ولا خوف من جهتهم ولا سلطان لهم وكل خوف إنما هو عليهم ، فلم يبق إلا داعي الدين ، وذلك هو الامر الغريب العجيب الذي لاينفذ في مثله إلا مشية الله(١) وقدرة القهار التي تذلل الصعاب وتقود بأزمتها الرقاب.
وليس لمن جهل هذه المزية أو تجاهلها وتعامى عنها وهو يبصرها أن يقول : إن العلة في تعظيم غير فرق الشيعة لهؤلاء القوم ليست ماعظمتموه وفخمتموه وادعيتم خرقه للعادة وخروجه من الطبيعة ، بل هي لان هؤلاء القوم من عترة النبي صلىاللهعليهوآله وكل من عظم النبي صلىاللهعليهوآله فلابد من أن يكون لعترته(٢) وأهل بيته معظما مكرما وإذا انضاف إلى القرابة الزهد وهجر الدنيا والعفة والعلم زاد الاجلال والاكرام لزيادة أسبابهما.
والجواب عن هذه الشبهة الضعيفة أن شارك (٣) أئمتنا عليهمالسلام في حسبهم ونسبهم وقراباتهم من النبي (ص) غيرهم ، وكانت لكثير منهم عبادات ظاهرة وزهادة في الدنيا بادية وسمات جميلة وصفات حسنة من ولد أبيهم عليه وآله السلام ومن ولد العباس (٤) رضوان الله عليه فما رأينا من الاجماع على تعظيمهم وزيارة مدافنهم والاستشفاع بهم في
__________________
(١) في نسخة : خشية الله.
(٢) في نسخة : لاهل بيته وعترته.
(٣) في المصدر : ( ان قد شارك ) وفيه : قرابتهم.
(٤) في المصدر : ومن ولد عمهم العباس.