وإذا كان الاجماع المقدم ذكره حاصلا على طهارتهم وعدالتهم ووجوب ولايتهم ثبت إمامتهم بتصديقهم لمن أثبت ذلك وبما ذكرناه من اختصاصهم بهم ، وهذا واضح ، والمنة لله.
دلالة اخرى : ومما يدل أيضا على إمامتهم عليهمالسلام وأنهم أفضل الخلق بعد النبي صلىاللهعليهوآله مانجده من تسخير الله تعالى الولي لهم في التعظيم لمنزلتهم والعدو لهم في الاجلال لمرتبتهم ، وإلهامه سبحانه جميع القلوب إعلاء شأنهم ورفع مكانهم على تباين مذاهبهم وآرائهم واختلاف نحلهم وأهوآئهم.
فقد علم كل من سمع الاخبار وتتبع الآثار أن جميع المتغلبين عليهم المظهرين لاستحقاق الامر دونهم لم يعدلوا قط عن تبجيلهم وإجلال قدرهم ولا أنكروا فضلهم وإن كان بعض أعدآئهم قد بارز بعضهم بالعداوة لدواع دعتهم إلى ذلك ، ألا ترى أن المتقدمين على أمير المؤمنين عليهالسلام قد أظهروا من تقديمه(١) وتعظيم ولديه الحسن والحسين عليهماالسلام في زمان إمامتهم(٢) على الامة وكذلك الناكثون(٣) لبيعته لم يتمكنوا مع ذلك من إنكار فضله ، ولا امتنعوا من الشهادة له بفضله ولا فسقوه في فعله.
وكذلك معاوية وإن كان أظهر(٤) عداوته وبنى أكثر اموره على العناد لم ينكر جميع حقوقه ولا دفع عظيم منزلته في الدين ، بل قفى أثر طلحة والزبير في التعلل بطلب دم عثمان ، وكان يظهر القناعة منه بأن يقره على ولايته التي ولاها إياها(٥) من كان قبله ، فيكف عن خلافه ويصير إلى طاعته ولم يمكنه الدفع لكونه عليهالسلام الافضل في الاسلام والشرف والوصلة بالنبي (ص) والعلم والزهد ، ولا الانكار لشئ من ذلك ولا الادعاء لنفسه مساواته فيه أو مقاربته ومداناته.
__________________
(١) في المصدر : قد أظهروا تقديمه.
(٢) في المصدر : في زمان امامته.
(٣) في المصدر : الناكثين.
(٤) في المصدر : قد اظهر.
(٥) في المصدر : ولاها اياه.