قال أبان : قال سليم بن قيس : فلم يبق يومئذ من شيعة (١) علي عليهالسلام أحد إلا تهلل وجهه وفرح بمقالته ، إذ شرح أمير المؤمنين عليهالسلام الأمر وباح به ، وكشف الغطاء ، وترك التقية ، ولم يبق أحد من القراء ممن كان يشك في الماضين ويكف عنهم ويدع البراءة منهم ورعا وتأثما إلا استيقن واستبصر وحسن وترك الشك والوقوف ، ولم يبق أحد حوله أتى بيعته (٢) على وجه ما بويع عثمان والماضون قبله إلا رئي ذلك في وجهه وضاق به أمره ، وكره مقالته ، ثم إنهم استبصر عامتهم (٣) وذهب شكهم.
قال أبان ، عن سليم : فما شهدت يوما قط على رءوس العامة أقر لأعيننا من ذلك اليوم لما كشف للناس من الغطاء ، وأظهر فيه من الحق ، وشرح فيه من الأمر ، وألقى فيه التقية والكتمان (٤) ، وكثرت الشيعة بعد ذلك المجلس مذ ذلك اليوم ، وتكلموا وقد كانوا أقل أهل عسكره ، وصار الناس يقاتلون معه على علم بمكانه من الله ورسوله ، وصارت الشيعة بعد ذلك المجلس أجل الناس وأعظمهم ـ وفي رواية أخرى : جل الناس وأعظمهم ـ وذلك بعد (٥) وقعة النهروان ، وهو يأمر بالتهيئة والمسير إلى معاوية ، ثم لم يلبث أن قتل صلوات الله عليه ، قتله ابن ملجم لعنه الله غيلة وفتكا (٦) ، وقد كان سيفه مسموما قبل ذلك (٧).
__________________
(١) في (س) : شيعته ، وهو غلط ، ولعله بدون علي عليهالسلام.
(٢) في المصدر : ولم يبق حوله ممن أبى بيعته.
(٣) في كتاب سليم : ثم أنه استبصر عادتهم ..
(٤) لا يوجد في المصدر : والكتمان ، وفيه : من التقية.
(٥) في ( ك ) : وبعد ذلك.
(٦) قال في النهاية ٣ ـ ٤٠٩ : الإيمان قيد الفتك .. الفتك : أن يأتي الرجل صاحبه وهو غار غافل فيشد عليه فيقتله ، والغيلة : أن يخدعه ثم يقتله في موضع خفي.
(٧) سمه قبل ذلك ، كذا في المصدر.
أقول : أورد هذه الخطبة الشيخ المفيد في المجالس : ١٤٥ ـ ١٤٩ : المجلس الثامن عشر : ٦ ، وجاءت في نهج البلاغة في آخر خطبة ٣٤ صبحي الصالح : ٧٨ ـ ٧٩ ، محمد عبده : ١ ـ ٨٢ ـ ٨٤ ، وخطبة ٩٧ ، صبحي الصالح : ١٤١ ـ ١٤٣ ، محمد عبده : ٢ ـ ١٨٧ ـ ١٩٠ ، مع اختلاف