راويها ، والتفصيل في الصحيحين وشروحهما ، وما زالت عائشة وعمر في هذه المسألة على طرفي نقيض حتى أخرج الطبري (١) في حوادث سنة ١٣ من تاريخه بالإسناد إلى سعيد بن المسيب قال : لمّا توفّي أبو بكر أقامت عليه عائشة النوح ، فأقبل عمر بن الخطاب حتى قام ببابها فنهاهن عن البكاء على أبي بكر ، فأبين أن ينتهين ، فقال عمر لهشام بن الوليد : ادخل فأخرج إليّ ابنة أبي قحافة. فقالت عائشة لهشام حين سمعت ذلك من عمر : انّي أحرج عليك بيتي. فقال عمر لهشام : ادخل فقد أذنت لك ، فدخل هشام وأخرج امّ فروة اُخت أبي بكر إلى عمر فعلاها بالدرّة ، فضربها ضربات ، فتفرّق النوح حين سمعوا ذلك.
قلت : كأنّه لم يعلم تقرير النبي صلىاللهعليهوآله نساء الأنصار على البكاء على موتاهنّ ، ولم يبلغه قوله صلىاللهعليهوآله : « لكن حمزة لا بواكي له » ، وقوله صلىاللهعليهوآله : « على مثل جعفر فلتبك البواكي » ، وقوله صلىاللهعليهوآله : « إنّما يرحم الله من عباده الرحماء ».
ولعله نسي نهي النبي صلىاللهعليهوآله اياه عن ضرب البواكي يوم ماتت رقية بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، نسي نهيه إيّاه عن انتهارهن في مقام آخر مرّ عليك آنفاً. (٢)
ثمّ إذا كان البكاء على الميّت حراماً ، فلماذا أباح لنساء بني مخزوم أن
__________________
بها سنة ٦٨ هـ.
انظر : الإصابة ترجمة رقم ( ٤٧٧٢ ) ، صفة الصفوة ١ : ٣١٤ ، حلية الأولياء ١ : ٣١٤ ، نسب قريش : ٢٦ ، الأعلام ٤ : ٩٥.
١ ـ تاريخ الاُمم والملوك ٢ : ٤٩ ( وفاة أبو بكر ).
٢ ـ انظر مسند أحمد بن حنبل ١ : ٣٣٥ و ٢ : ٣٣٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٧ ، العقد الفريد ٢ : ٤٧.