هذه الحصّة ، فتكون هذه الحصّة ـ تمامها ـ مبغوضة ذاتا ، ومع ذلك لا يعقل كونها ذات (١) مصلحة ـ أيضا ـ كما أنّه لا يعقل ورود الأمر بها ، فيكون النهي عنها مانعا عن الأمر وعن الجهة المقتضية له ، فلم يبق لها جهة موجبة لانعقاده عبادة في شيء من الأحوال حتّى في الأحوال المتقدّمة.
هذا بخلاف الصلاة في المكان المغصوب ، حيث إنّ متعلّق الأمر والنهي إنّما هما العنوانان الصادقان عليها ، لا نفسها ، فالنهي وارد على الجهة الموجودة فيها وهي جهة الغصبية ، ولازمها مبغوضية تلك الجهة وحدها ، وأمّا مبغوضيّة جهة أخرى موجودة معها في تلك الصلاة فلا.
نعم النهي عنها مانع عن اقتضاء الجهة المذكورة في ورود الأمر بناء على امتناع الاجتماع ، فيمكن حينئذ وجود الجهة المقتضية للأمر في تلك الصلاة مع ارتفاع الأمر بنفسه ، فتكون هي المصحّحة له والموجبة لانعقادها عبادة في الأحوال المذكورة ، فظهر الفرق بين المثالين.
لا يقال : إنّ مقتضى ذلك صحّة تلك الصلاة في جميع الأحوال ، حتّى في حال الالتفات والعلم بالحرمة ، لفرض وجود تلك الجهة فيها مطلقا ، وفرض كفاية الجهة في انعقاد الفعل عبادة كذلك.
لأنّا نقول : إنّ تلك الجهة ، وإن كانت موجودة فيها في جميع [ الأحوال ](٢) ، لكن ليست موجبة لانعقاد الفعل عبادة مطلقا ، بل إذا لم يكن هناك مانع آخر ، كوقوع الفعل عصيانا حيث إنّه لا يجتمع مع وقوعه عبادة ، ومن المعلوم وجوده حال العلم والالتفات ، فعدم انعقاد الصلاة المذكورة عبادة حينئذ لوجود ذلك ، لا لعدم المقتضي له.
__________________
(١) في الأصل : ذا.
(٢) إضافة يقتضيها السياق.