وأمّا الفرق بين قوله : ( أكرم العلماء ولا تكرم الفسّاق ) (١) وبين قوله ( صلّ ولا تغصب ) فبأنّ العرف يفهمون من الأوّل ورود الأمر والنهي على أفراد الطبيعتين وأشخاصهما ، وأنّ الطبيعتين فيه أحدثتا (٢) على وجه كونهما عنوانين ومرآتين لمتعلّقات الأمر والنهي ، فيكون الحال فيه ما تقدّم في قوله : ( أكرم العلماء ولا تكرم الفسّاق ) ، فيتّضح الفرق بينهما حينئذ.
فإن قلت : ما الفارق بينهما في نظر أهل العرف ، حيث إنّهم يفهمون ذلك في الأوّل دون الثاني؟
قلنا : أوّلا ـ ليس علينا تعيين الفارق ، بل يكفينا إحراز أنّهم يفهمون ذلك في أحدهما دون الآخر.
وثانيا ـ يبدو (٣) الفرق بينهما : أنّ مساق الأوّل من قوله : ( أكرم العلماء ، ولا تكرم الفسّاق ) من حيث اتّحاد متعلّقي الأمر والنهي فيه ، وهي طبيعة الإكرام ، وإنّما الاختلاف بين المتعلّقين باعتبار ما أضيفا إليه ، ونسبة العموم من وجه بينهما إنّما هي بهذا الاعتبار ، لا بالنظر إلى ذاتيهما ، كما هو الحال في قوله : ( أكرم العلماء ، ولا تكرم الفسّاق ) أيضا.
هذا ، بخلاف قوله : ( صل ، ولا تغصب ) لاختلاف متعلّقيهما فيه بالذات ، ضرورة كون كلّ واحد من الصلاة والغصب طبيعة مغايرة للآخر ، فمتعلّقاهما فيه عنوانان متغايران غير مندرجين تحت عنوان واحد ، ومتعلّقاهما في الأوّل مندرجان تحت عنوان واحد.
وأمّا الجواب عن ثاني الإشكالين المتقدّمين ، فقد اتّضح بما ذكرنا الآن
__________________
(١) في النسخة المستنسخة : .. ولا تكرم الفاسق.
(٢) كذا في النسخة المستنسخة ، ويحتمل : أجريتا ..
(٣) في النسخة المستنسخة : يبدأ ..