وموضوعه من غير نظر إلى تعليق حكم عليها في المنطوق حتى يكون مقتضى ذلك [ انتفاء ] الحكم ـ أيضا ـ في جانب المفهوم ، فإنّا إنّما نأخذ المفهوم من القضية لأجل تعليق الحكم المذكور فيها في جانب المنطوق على القيد المذكور فيها في المنطوق ، فإذا فرض اشتمالها على قيد لم يعلّق عليه الحكم المذكور فيها ولا غيره فلا يعقل المفهوم بالنسبة إلى ذلك القيد بوجه بالنسبة إلى ذلك الحكم المذكور ، ولا بالنسبة إلى غيره من الأحكام ، إذ قولنا : ـ إن جاءك زيد فأكرم العلماء إلاّ عمرا ـ لم يقصد منه تعليق وجوب إكرام غير عمرا من العلماء على مجيء زيد ، ومقتضاه انتفاء وجوب إكرام غير عمرو من العلماء بانتفاء مجيء زيد إذ عدم وجوب إكرام عمرو أو وجوبه ، لم (١) يعلّق شيء منهما على ذلك الشرط حتّى يقتضي انتفاؤه انتفاءه ، فيكون مفهومه ثبوت نقيض الحكم المعلّق عليه في جانب المنطوق.
ومن هنا ظهر اندفاع ما لعلّه يتوهّم من أنّ قولنا : ـ أكرم العلماء إلاّ عمرا ـ يفيد حكمين : أحدهما وجوب إكرام غير عمرو ، وثانيهما عدم وجوب إكرام عمرو ، فإذا علّق ذلك على شرط فقد علّق عليه هذان الحكمان المستفادان منه في غير مقام التعليق ، فيكون المعلّق على مجيء زيد في المثال المتقدّم عدم وجوب إكرام عمرو ـ أيضا ـ فيكون [ مفهوم ](٢) المثال المذكور انتفاء عدم وجوب إكرام عمرو ـ أيضا ـ فيثبت إكرامه بانتفائه ، لأنّ عدم عدم الوجوب عين الوجوب ، وهكذا الحال فيما إذا علّق على غير الشرط من سائر القيود.
وتوضيح الاندفاع : أنّه فرق بيّن بين ذكر القول المذكور مستقلا ـ بمعنى عدم تعليقه على قيد ـ وبين ذكره معلّقا على قيد ، إذ الظاهر منه في الأوّل أنّ القيد المأخوذ فيه إنّما جيء به لإخراج غير مورده عن حكم العامّ ، هذا بخلافه في
__________________
(١) كان في النسختين ( فلم ) والصحيح ما أثبتناه.
(٢) إضافة يقتضيها السياق.