الوضعي من حيث كونه شكّا في الحكم الوضعي ، كما لا يخفى ، بل غاية ما يصحّحه جريان الأصول الثلاثة الاخر ـ غير الاستصحاب في مورده ـ بملاحظة حيثية أخرى ، وهي حيثية الشكّ في التكليف أو في المكلّف به ، بل المصحّح لجريانها حقيقة إنّما هو تلك الثلاثة لا غير ، فالذي يصحّ جريانه في مورد الشكّ في الحكم الوضعي من غير توقّف على ملاحظة حيثية أخرى إنّما هو الاستصحاب ، وأمّا غيره فلا ، فإنّ أصالة البراءة ـ سواء أخذت من العقل أو الشرع ـ إنّما هي نافية للمؤاخذة والتكليف على ما لم يقم حجّة عليه ، وأصالة الاحتياط إنما هي حكم إرشادي لأجل تحصيل الأمن من تبعة ما قام حجّة عليه ، وكذلك التخيير إنما هو حكم عقلي للمتخيّر في مقام الامتثال من غير معيّن ومرجّح ، وكلّها مختصّة بالشكّ في الحكم التكليفي ، فلا تغفل.
وكيف كان ، فحاصل ترجمة عبارته ـ قدّس سرّه ـ : أنّ الجامع لشرائط الخطاب إذا خطر بباله محمول من المحمولات الشرعية بالنسبة إلى فعل عامّ من أفعال المكلّف ، فحالاته بمقتضى الحصر العقلي منحصرة في ثلاث ، فإنه حينئذ : إمّا أن يرجّح في نظره ثبوت ذلك المحمول للفعل المتصوّر ، أو انتفاؤه عنه ، أو لا يرجح شيء منهما أصلا ، والثاني هو الشك ، وعلى الأوّل : إما أن يكون الرجحان في نظره مانعا من احتمال النقيض ، أو لا يكون ، الأول هو القطع ، والثاني هو الظنّ.
ثمّ إنّ البحث عن حجية الأمارات كالبحث عن الشبهات الموضوعية ، وعلى تقديره ـ إنما هو من باب التطفّل ، إذ المقصد الأصلي ـ كما عرفت ـ إنّما هو بيان حكم القطع والظنّ والشكّ بالنظر إلى الأحكام الكلّية.
قوله ـ قدّس ـ سرّه ـ : ( وهي منحصرة في أربعة ... إلخ ) (١).
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٢.