ظاهره حصر نفس الأصول العملية في الأربعة ، وظاهر ما فيه من التقسيم أيضا إنّما هو التقسيم الأصلي ، فيكون حاصل ما يستظهر منه أنّ الأصول العملية منحصرة عقلا في الأربعة ، وهو لا يستقيم ، ضرورة إمكان أزيد منها ، إذ لا امتناع عقلا أن يحكم الشارع في مورد الشكّ بملاحظة الحالة السابقة ـ مثلا ـ في مرحلة الظاهر بحكمين : أحدهما وجوب البناء على طبق الحالة السابقة ، والثاني وجوب البناء على نقيضها ، مع اختلاف مواردهما ، إلاّ أنّ الواقع إنّما هو الأوّل ، وهو لا ينافي إمكان الثاني.
فالحريّ (١) ـ مع بقاء التقسيم على ظاهره ـ إرادة حصر مجاري الأصول في الأربعة ، كما صرّح به ـ قدّس سرّه ـ في التقسيم الّذي ذكره في مسألة البراءة (٢) ، وإرادة حصر نفس الأصول بالنظر إلى الواقع ، بأن يراد من التقسيم المذكور تقسيمها من حيث الوقوع ، لكن سيأتي [ أنّه ](٣) من حيث دورانه بين النفي والإثبات ـ يأبى عن ذلك ، فإنه كالصريح ـ بل صريح ـ في إرادة تقسيم مجاريها ، فالأوفق ـ بل المتعيّن ـ حمل قوله : ( وهي منحصرة في أربعة ) على إرادة مجاريها.
ويشهد له ـ مضافا إلى عدم استقامة ظاهره الغير اللائق نسبته إلى من دونه ، وإلى بعد حمله على إرادة حصر نفس الأصول بالنظر إلى الوقوع ـ ما صرّح به في مسألة البراءة ، فإنّ الظاهر أنّ ذلك الّذي ذكره هنا إنما هو الّذي ذكره هناك.
__________________
(١) في النسخة ( أ ) : ( فالجري ) ..
(٢) فرائد الأصول ١ : ٣١٠.
(٣) إضافة اقتضاها السياق.