أصالة البراءة والاحتياط ، ومقتضاه اختصاص أصالة البراءة بما أمكن فيه الاحتياط ، مع أنها قد تجري فيما لم يمكن فيه الاحتياط ـ أيضا ـ كما إذا دار الأمر في مورد بين الوجوب والتحريم (١) ، والإباحة ـ مثلا ـ في شيء واحد ، فإنه من مواردها على مختاره ـ قدّس سرّه ـ أيضا ، مع خروجه عمّا ذكره تعريفا لمجراها ، بل تجري فيما إذا دار الأمر بين الوجوب والتحريم في شيء واحد مع القطع بعدم الثالث ـ أيضا ـ مع عدم إمكان الاحتياط فيه بالضرورة ، فتأمّل.
والحاصل : أنّه ـ قدّس سرّه ـ في مقام ضبط مجاري الأصول ، فلا بدّ من أن يكون (٢) تعريف منها لجميع المصاديق (٣) ، فلا يكفي الصدق في الجملة ، هذا بخلاف العبارة الثانية ، لعدم أخذ إمكان الاحتياط في مجرى البراءة فيها.
ويمكن التفصّي عن الإشكال المذكور : بالنظر إلى صورة الشكّ في الوجوب والتحريم مع احتمال الإباحة ، بتكلّف أنها ـ أيضا ـ من موارد إمكان الاحتياط ، بأنّ المراد من إمكان الاحتياط إمكانه في الجملة ولو بالإضافة ، فإنّ الّذي لا يمكن فيها إنما هو الاحتياط التامّ ومن جميع الجهات ، وأما في الجملة فممكن ، فإن فعل ذلك المشكوك المحتمل للوجوب والحرمة والإباحة ، لاحتمال وجوبه ، أو تركه لا لذلك ، بل لاحتمال الإباحة ، فيكون أحوط ، فيمكن فيه هذا المقدار من الاحتياط.
وبالجملة : المكلّف في الصورة المذكورة وإن لم يكن [ ملزما ] بشيء (٤) من الفعل أو الترك إلاّ أن إقدامه على أحدهما لاحتمال الوجوب أو الحرمة أحوط
__________________
(١) في ( ب ) : الحرمة.
(٢) في ( ب ) : وأن يكون.
(٣) كذا في النسخة ( أ ) ، والصحيح في العبارة هكذا : فلا بدّ من أن يكون تعريف كلّ منها شاملا لجميع المصاديق.
(٤) في نسخة ( أ ) : وإن لم يكونا بشيء.