ولا يجري هذه المناقشة في العبارة الثانية بالنظر إلى الثانية من الصورتين مطلقا ، وإلى أولاهما (١) بناء على إرادة النوع الخاصّ من التكليف ، إذ الثانية لم يعلم فيها الإلزام مطلقا ـ لا نوعه ولا جنسه ـ فلا تكون من موارد الشكّ في المكلّف به مطلقا ، فلا يشملها حدّ مجرى التخيير المذكور في تلك العبارة ، لاعتبار رجوع الشكّ فيها إلى المكلّف به ، ويشملها حدّ مجرى أصالة البراءة المذكور فيها كذلك ، لأنها على التقديرين من موارد الشكّ في التكليف المذكور فيها حدّا لمجراها.
وأمّا أولى الصورتين فلأنّها إن تكن من صور الشكّ في التكليف ـ بناء على إرادة جنس الإلزام من التكليف المذكور في تلك العبارة ـ يتّجه (٢) المناقشة المذكورة والنقض بها على ذلك التقدير ، وأمّا بناء على تقدير إرادة النوع الخاصّ منه فلا ، كما لا يخفى.
وأمّا المناقشة المشتركة بين العبارتين : فهو أنّ المصنّف قد حدّد مجرى أصالة البراءة في أولاهما بكون الشكّ في التكليف مع إمكان الاحتياط ، فيتّجه عليه أنّ مراده بالتكليف المذكور فيهما إمّا النوع الخاصّ من الإلزام ، أو جنسه ، وعلى التقديرين لا يستقيم شيء من الحدّين المذكورين لمجرى أصالة البراءة في العبارتين :
أما على الأول : فلانتقاض طرد كلّ منهما بصورة دوران الأمر بين وجوب أحد الشيئين بالخصوص وبين حرمة الآخر كذلك ، بأن يقطع بصدور إلزام من الشارع ، ويشكّ في أنه هل هو وجوب الصلاة ـ مثلا ـ أو حرمة الخمر؟ لأنّ القدر المعلوم في تلك الصورة إنّما هو جنس الإلزام ، فيكون الشكّ فيها على التقدير
__________________
(١) في النسخة ( أ ) : وإلى أولاها ..
(٢) في النسخة ( أ ) : فلأنها أن يكون من صورة الشكّ ... فيتّجه ..