لما عرفت.
وكيف كان فالكلام في العمل به حال (١) حصوله وبقائه وقد عرفت عدم جواز النهي عنه حينئذ بوجه.
ثم إنّ الذّاهب إلى هذا التفصيل بين من علّله بكثرة المخالفة للواقع في القطع الحاصل من المقدّمات النظرية ، كالمحدّث الأسترآبادي (٢) وبعض من وافقه من الأخباريين ، وبين من علّله بعدم تمامية الحجة بمجرّده ، إذ لا بدّ فيها من بلوغ الحكم عن المعصوم عليه السلام بالنّقل عنه أو السماع منه ، كالسيد الصدر (٣) (قدّس سرّه).
وبعبارة أخرى إنّ التكليف بشيء لا يتنجّز على المكلف بحيث يستحق العقاب على مخالفته إلاّ بتبليغ حجة سمعية عليه من المعصوم عليه السلام فحكم العقل به واستقلاله بواسطة المقدمات النظرية لا ينهض حجة عليه وكذلك إذا انضم إليه حجة سمعية منهم عليهم السلام واصلة إلى المكلف ولو بالعقل (٤).
ولا يخفى أنّ ذلك ليس إنكارا لقاعدة التّطابق بين العقل والشرع ، فإنّ معناها أنّ حكم العقل بأمر هل هو كاشف عن حكم الشارع به على نحو ما حكم به العقل أو لا ، ومبنى الكشف على ثبوت الملازمة ـ بين قبح شيء وبين نهي الشارع عنه ، وبين حسنه التام الملزم عند العقل وبين أمره به ـ بأنّه بعد ثبوتها كذلك إذا قطع العقل بقبح شيء فيتحقق عنده صغرى وهي أنّ هذا قبيح فينضم
__________________
(١) في ( ب ) : ( بعد ) عوض ( حال ). وهكذا : ( بعد حصوله ) بدل ( حينئذ ).
(٢) الفوائد المدينة : ١٣١ ـ ١٢٩.
(٣) شرح الوافية للسيّد الصدر. مخطوط.
(٤) في ( ب ) : غير واضحة والمستظهر المتن ، وفي ( أ ) ( النقل ). فتأمّل.