الوجه الثاني فيه أيضا فيشمله أدلّة وجوب القضاء.
هذا لكن الإنصاف اندفاعه :
أما أولا (١) فبأنّ هذا الاحتمال بمجرده غير مجد ، إذ لا بد في إثبات وجوب القضاء بالأدلة المعلقة على الفوت من إحراز صدق الفوت على المورد والعلم به وهذا لا يمكن الا بعد العلم بكونه مما لذات المقيد مصلحة تحصل في خارج الوقت ولا ينفع فيه احتمال كونه كذلك بوجه.
وأما ثانيا فبأنّ التقدير المذكور مع العلم به أيضا لا يدخل في تلك الأدلة المتضمنة للفظ القضاء فانه ظاهر في تدارك الشيء الفائت ومن المعلوم أن الإتيان بنفس المقيد في خارج الوقت ليس تداركا لفائت بل إنما هو إتيان بنفس الواجب في محله كالإعادة.
والتحقيق أنه على تقدير كون الفوت عبارة عن الترك الخاصّ أيضا يشمل أدلة وجوب القضاء للمقام لا لما مر ، بل لأنّ مصلحة سلوك الطريق الظني ليس من شأنها أزيد من تدارك الفريضة ما دام الجهل فمع ارتفاعه يبقى الفريضة متروكة بغير تدارك ، وتدارك سلوك الطريق إياه نظير ما ورد من تدارك النافلة لنقص الفريضة مع أنّه يجب القضاء بعد ظهور النقص فيها اتفاقا.
والسر فيه أنّ وصول تلك المصلحة حال الجهل بالواقع إلى المكلف ليس تداركا للواقع الفائت عليه حقيقة بل إنّما هو من باب عدم خلو هذه عن منفعة
__________________
(١) يمكن دفع الجواب الأوّل بدعوى القطع بقيام مصلحة في نفس المقيّد تحصل في الخارج من وجوب القضاء فيما إذا أخل بالواجب في الوقت رأسا بأنّه لم يأت بمؤدّى الطريق الظنّي فيه أيضا إذ لو لا ذلك لما صحّ إيجاب الشارع للقضاء حينئذ وليس إيجابه من باب كونه واجبا آخر في عرض الواجب الفائت بالضرورة بل إنّما هو من باب تدارك فوته في الوقت وأنّه ذلك الواجب.
ودفع الثاني بمنع ظهور لفظ القضاء فيما ادّعى بل انّما هو ظاهر عرفا ولغة في فعل الشيء الّذي لم يفعله بعد ولم يثبت حقيقة شرعية فيه فيما مرّ. لمحرّره عفي عنه.