في تلك الحال فإنّ التدارك حقيقة لا بدّ أن يكون بما يسانخ الفائت ويقوم بمصلحته الخاصة به بحيث لا يكون بينهما فرق إلاّ من جهة الوقت ، ومن المعلوم أن سلوك الطريق المخالف للواقع مباين له وهو غير قائم بالمصلحة الخاصة جدا وإنما هو مشتمل على مصلحة أخرى غير تلك نظير النوافل.
ويوضح ذلك (١) أنه لو كان مجرد وصول مصلحة حال الجهل بالواقع المعذور فيه تداركا له لما كان يجب القضاء فيما إذا صلى نافلة فظهر أنّ فيما جعله من الفريضة خلل مع أنّ وجوبه هناك إجماعي وليس هو لدليل خاص عند المجمعين قطعا بل إنّهم قالوا به بمقتضى أدلة القضاء.
وكيف كان لا فرق بين سلوك الطريق الظني المعتبر وبين النافلة من هذه الجهة بوجه قطعا فتأمل (٢).
أقول : الظاهر أن فوت شيء عبارة عن ترك نفس ذلك الشيء وكذا لفظ القضاء عبارة عن إدراك ما تركه من قبل ، فقوله عليه السلام من فاتته فريضة فليقض ما فات منزل على هذا المعنى لعدم اكتنافه بما يصرفه عنه فقوله عليه السلام من فاتته فريضة ظاهر في أنّ موضوع القضاء انما هو ترك نفس الفريضة مطلقا فيصدق مع تدارك مصلحته أيضا فقوله عليه السلام فليقض لا يقضي بخلافه لما عرفت فالقوي هو الوجه الأول من الوجهين المتقدمين وعليه لا حاجة إلى تلك التكلفات المتقدمة.
__________________
(١) في النسختين : ويوضح عن ذلك.
(٢) وجه التأمل : أنّ مجرد ثبوت الاتّحاد بين المقامين من تلك الجهة لا يلازم ثبوت القضاء في هذا المقام لاحتمال أن يكون ثبوته هناك لعدم ثبوت تدارك الفريضة بالنافلة لعدم نهوض ما دل عليه على إثباته أو لأجل قيام إجماع على خلافه فالاستدلال بالاتحاد انّما يصحّ بعد ثبوت التدارك هناك مع وجوب القضاء وأمّا مع عدم ثبوت التدارك فلا اتحاد بينهما لأنّ عدم ثبوته هناك حينئذ وثبوته في المقام لعلّه لفارق بينهما فتأمّل. لمحرّره عفا الله عنه. حرّرت نسخة « أ » عشرين جمادى الأولى ١٣٠٣.