أقبل أميرالمؤمنين عليهالسلام على أصحابه فقال : أليس كذلك؟ قالوا : بلى يا أميرالمؤمنين (١).
فقال عليهالسلام : وأما الثانية يا أخا اليهود فإن قريشا لم تزل تخيل الآراء وتعمل الحيل في قتل النبي صلىاللهعليهوآله حتى كان آخر ما اجتمعت في ذلك يوم الدار دار الندوة ، و إبليس الملعون حاضر في صورة أعور ثقيف (٢) فلم تزل تضرب أمرها ظهر البطن حتى اجتمعت آراؤها على أن ينتدب من كل (٣) فخذ من قريش رجل ثم يأخذ كل رجل منهم سيفه ثم يأتي النبي صلىاللهعليهوآله وهو نائم على فراشه فيضربونه جميعا بأسيافهم ضربة رجل واحد فيقتلوه ، فإذا قتلوه منعت قريش رجالها ولم تسلمها ، فيمضي دمه هدرا ، فهبط جبرئيل عليهالسلام على النبي صلىاللهعليهوآله فأنبأه بذلك وأخبره بالليلة التي يجتمعون فيها والساعة التي يأتون فراشه فيها ، وأمره بالخروج في الوقت الذي خرج فيه إلى الغار ، فأخبرني رسول الله صلىاللهعليهوآله بالخبر وأمرني أن أضطجع في مضجعه وأقيه بنفسي ، فأسرعت إلى ذلك مطيعا له مسرورا لنفسي بأن اقتل دونه ، فمضى لوجهه واضطجعت في مضجعه ، وأقبلت رجالات قريش موقنة في أنفسها أن تقتل النبي صلىاللهعليهوآله ، فلما استوى بي وبهم البيت الذي أنافيه ناهضتهم بسيفي فدفعتهم عن نفسي بما قد علمه الله والناس ، ثم أقبل على أصحابه فقال : أليس كذلك؟ قالوا : بلى يا أميرالمؤمنين.
فقال عليهالسلام : وأما الثالثة يا أخا اليهود فإن ابني ربيعة وابن عتبة (٤) كانوا فرسان قريش ، دعوا إلى البراز يوم بدر فلم يبرز لهم خلق من قريش ، فأنهضني رسول الله صلىاللهعليهوآله مع صاحبي رضياللهعنهما وقد فعل وأنا أحدث أصحابي سنا وأقلهم للحرب تجربة ، فقتل الله عزوجل بيدي وليدا وشيبة سوى من قتلت من جحاجحة قريش في ذلك اليوم وسوى من أسرت ، وكان مني أكثر مما كان من أصحابي واستشهد ابن
____________________
(١) تأتى هذه القطعة من الحديث في باب (أنه صلوات الله عليه سبق الناس في الاسلام اه) تحت الرقم ٧.
(٢) سيأتي في البيان أن المراد منه مغيرة بن شعبة الثقفى.
(٣) الفخذ : الحى والقبيلة.
(٤) يعنى شيبته بن ربيعة وعتبة بن ربيعة ووليد بن عتبة.