عمي في ذلك اليوم رحمة الله عليه ، ثم التفت إلى أصحابه فقال : أليس كذلك؟ قالوا : بلى يا أميرالمؤمنين.
فقال علي عليهالسلام : وأما الرابعة يا أخا اليهود فإن أهل مكة أقبلوا إلينا على بكرة أبيهم قد استحاشوا (١) من يليهم من قبائل العرب وقريش طالبين بثار مشركي قريش في يوم بدر ، فهبط جبرئيل على النبي صلىاللهعليهوآله فأنبأه بذلك ، فذهب النبي صلىاللهعليهوآله وعسكر بأصحابه في سد احد ، وأقبل المشركون إلينا فحملوا علينا حملة رجل واحد ، واستشهد من المسلمين من استشهد ، وكان ممن بقي ما كان من الهزيمة ، و بقيت مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ومضى المهاجرون والانصار إلى منازلهم من المدينة كل يقول : قتل النبي وقتل أصحابه ، ثم ضرب الله عزوجل وجوه المشركين ، وقد جرحت بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله نيفا وسبعين جرحة منها هذه وهذه ثم ألقى رداءه وأمريده على جراحاته وكان مني في ذلك ما على الله عزوجل ثوابه إن شاء الله ، ثم التفت إلى أصحابه فقال : أليس كذلك؟ قالوا ، بلى يا أميرالمؤمنين.
فقال : وأما الخامسة يا أخا اليهود فإن قريشا والعرب تجمعت وعقدت بينها عقدا وميثاقا لاترجع من وجهها حتى تقتل رسول الله صلىاللهعليهوآله وتقتلنا معه معاشر بني عبدالمطلب ثم أقبلت بحدها وحديدها حتى أناخت علينا بالمدينة واثقة بأنفسها فيما توجهت له ، فهبط جبرئيل على النبي صلىاللهعليهوآله فأنبأه بذلك ، فخندق (٢) على نفسه ومن معه من المهاجرين والانصار ، فقدمت قريش فأقامت على الخندق محاصرة لنا ، ترى في أنفسها القوة وفينا الضعف ، ترعد وتبرق ورسول الله صلىاللهعليهوآله يدعوها إلى الله عزوجل ويناشدها بالقرابة و الرحم فتأبى ولا يزيدها ذلك إلا عتوا ، وفارسها وفارس العرب يومئذ عمرو بن عبدود ، يهدر كالبعير المغتلم يدعو إلى البراز ويرتجز ، ويخطر برمحه مرة وبسيفه مرة ، لا يقدم عليه
____________________
(١) في المصدر (قد استجابوا) وهو سهو ، والصحيح ما في المتن ، وسيأتى معناه في البيان.
(٢) أى حفر الخندق ، وهو حفير حول المدينة. والظاهر أنه معرب (كنده) كما قاله الفيروزآبادى.