جماعة من خواص أصحاب محمد صلىاللهعليهوآله أعرفهم بالنصح لله ولرسوله ولكتابه ودينه الاسلام يأتوني عودا وبدء (١) وعلانية وسرا فيدعوني إلى أخذ حقي ، ويبذلون أنفسهم في نصرتي ليؤدوا إلي بذلك بيعتي في أعناقهم ، فأقول : رويدا وصبرا قليلا لعل الله يأتيني بذلك عفوا بلا منازعة ولا إراقة الدماء ، فقد ارتاب كثير من الناس بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآله وطمع في الامر بعده من ليس له بأهل ، فقال كل قوم : منا أمير! وما طمع القائلون في ذلك إلا لتناول غيري الامر ، فلما دنت وفاة القائم (٢) وانقضت أيامه صير الامر بعده لصاحبه فكانت هذه اخت اختها ، ومحلها مني مثل محلها ، وأخذامني ما جعله الله لي ، فاجتمع إلي من أصحاب محمد صلىاللهعليهوآله من مضى رحمه الله ومن بقي (٣) ممن أخره الله من اجتمع فقالوا لي فيها مثل الذي قالوا في اختها ، فلم يعد قولي الثاني قولي الاول صبرا واحتسابا و يقينا وإشفاقا من أن تفنى عصبة تألفهم رسول الله صلىاللهعليهوآله باللين مرة وبالشدة اخرى و بالبذل مرة (٤) وبالسيف اخرى ، حتى لقد كان من تألفه لهم أن كان الناس في الكر و الفرار (٥) والشبع والري واللباس والوطاء والدثار (٦) ، ونحن أهل بيت محمد (ص) لا سقوف لبيوتنا ولا أبواب ولا ستور إلا الجرائد وما أشبهها ، ولا وطاءلنا ولا دثار علينا [ و ] يتداول الثوب الواحد في الصلاة أكثرنا ، وتطوي (٧) الليالي والايام جوعا عامتنا ، وربما أتانا الشئ مما أفاء الله علينا وصيره لنا خاصة دون غيرنا ونحن على ما وصفت من حالنا فيؤثر به رسول الله صلىاللهعليهوآله أرباب النعم والاموال تألفا منه لهم ، فكنت أحق من لم يفرق هذه العصبة التي ألفها رسول الله صلىاللهعليهوآله ولم يحملها على الخطة (٨) التي لا خلاص لها منها
____________________
(١) يقال : رجع عودا على بدء أى لم يتم ذهأبه حتى وصله برجوعه.
(٢) أى القائم بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله.
(٣) في المصدر : ممن مضى وممن بقى اه.
(٤) في المصدر : وبالنذر مرة.
(٥) الظاهر (والفر) كما يأتى في البيان.
(٦) الوطاء : بكسر الواو وفتحها خلاف الغطاء أى ما تفترشه. والدثار : الثوب الذى يستد فأبه من فوق الشعار ، ما يتغطى به النائم.
(٧) في المصدر : ونطوى.
(٨) الخطة : الامر المشكل الذى لا يهتدى اليه.