في أخذ حقي من الماضين قبلي ، ويجدد لي بيعته كلما أتاني ، وأعجب العجب أنه لما رأى ربي تبارك وتعالى قد رد إلي حقي وأقره في معدنه وانقطع طمعه أن يصير في دين الله رابعا وفي أمانة حملناها حاكما كر على العاصي بن العاص (١) فاستماله فمال إليه! ثم أقبل به بعد إذ أطمعه مصر (٢)! وحرام عليه أن يأخذ من الفئ دون قسمه درهما و حرام على الراعي إيصال درهم إليه فوق حقه ، فأقبل يخبط البلاد بالظلم ويطأها بالغشم فمن بايعه أرضاه ومن خالفه ناواه ، ثم توجه إلي ناكثا علينا مغيرا في البلاد شرقا وغربا ويميناو شمالا ، والانباء تأتيني والاخبار ترد علي بذلك ، فأتاني أعور ثقيف فأشار علي أن اوليه البلاد التي هو بها لا داريه بما اوليه منها! وفي الذي أشار به الرأي في أمر الدنيا لو وجدت عند الله عزوجل في توليته لي مخرجا وأصبت لنفسي في ذلك عذرا ، فأعلمت الرأي في ذلك وشاورت من أثق بنصيحته لله عزوجل ولرسوله ولي وللمؤمنين فكان رأيه في ابن آكلة الاكباد كرأيي ، ينهاني عن توليته ويحذرني أن ادخل في أمر المسلمين يده ، ولم يكن الله ليراني أتخذ المضلين عضدا ، فوجهت إليه أخا بجيلة مرة وأخا الاشعريين مرة ، كلاهما ركن إلى الدنيا وتابع هواه فيما أرضاه! فلما لم أره يزداد فيما انتهك (٣) من محارم الله إلا تماديا شاورت من معي من أصحاب محمد صلىاللهعليهوآله البدريين والذين ارتضى الله عزوجل أمرهم ورضي عنهم بعد بيعتهم وغيرهم من صلحاء المسلمين والتابعين فكل يوافق رأيه رأيي في غزوه ومحاربته ومنعه مما نالت يده ، وإني نهضت إليه بأصحابي ، انفذ إليه من كل موضع كتبي واوجه إليه رسلي أدعوه إلى الرجوع عما هو فيه والدخول فيما فيه الناس معي ، فكتب يتحكم علي ويتمنى علي الاماني ، ويشترط علي شروطا لا يرضاها الله عزوجل ورسوله ولا المسلمون ، ويشترط في بعضها أن أدفع إليه أقواما من أصحاب محمد صلىاللهعليهوآله أبرارا ، فيهم عمار بن ياسر وأين مثل عمار؟ والله لقد رأيتنا مع النبي
____________________
(١) في الاختصاص : كر على العاصى ابن العاصى.
(٢) في المصدر والاختصاص : بعد أن أطمعه مصر.
(٣) في المصدر : فلما لم أره أن يزداد فيما انتهك. وفي اختصاص : فلما رأيته لم يزد فيما انتهك.