النص من الله تعالى عليه على لسان نبي مؤيد بالمعجزات أو إظهار معجز دال على إمامته وإذا ثبت هذه الجملة القريبة التي لا يحتاج فيها إلى تدقيق كثير ، سبرنا (١) أحوال الامة بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآله فوجدناهم اختلفوا في الامام بعده على أقوال ثلاثة : فقالت الشيعة : الامام بعده أميرالمؤمنين عليهالسلام بالنص على إمامته وقالت العباسية الامام بعده العباس بالنص أو الميراث ، وقال الباقون من الامة : الامام بعده أبوبكر ، وكل من قال بإمامة أبي بكر والعباس أجمعوا على أنهما لم يكونا مقطوعا على عصمتهما ، فخرجا بذلك من الامامة لما قدمناه ، فوجب أن يكون الامام بعده أميرالمؤمنين عليهالسلام بالنص الحاصل من جهة الله سبحانه عليه والاشارة إليه ، وإلا كان الحق خارجا عن أقوال جميع الامة ، وذلك غير جائز بالاتفاق بيننا وبين مخالفينا ، وهذا هو الدليل العقلي على كونه منصوصا عليه.
وأما الادلة السمعية على ذلك ففد استوفاها أصحابنا رضياللهعنهم قديما وحديثا في كتبهم لا سيما ما ذكره سيدنا الاجل المرتضى علم الهدى ذو المجدين قدس الله روحه العزيز في كتاب الشافي في الامامة ، فقد استولى على الامد وغار في ذلك وأنجد (٢) و صوب وصعد (٣) وبلغ غاية الاستيفاء والاستقصاء ، وأجاب عن شبه المخالفين التي عولوا على اعتمادها واجتهدوا في إيرادها ، أحسن الله عن الدين وكافة المؤمنين جزاءه ، و نحن نذكر الكلام في ذلك على سبيل الاختصار والاجمال دون البسط والاكمال ، فنقول : إن الذي يدل (٤) على أن النبي صلىاللهعليهوآله نص على أميرالمؤمنين عليهالسلام بالامامة بعده بلا فصل ودل على فرض طاعته على كل مكلف قسمان : أحدهما يرجع إلى الفعل وإن كان يدخل فيه أيضا القول ، والآخر يرجع إلى القول ، فأما النص الدال على إمامته بالفعل والقول فهو أفعال نبينا صلىاللهعليهوآله (٥) المبينة لاميرالمؤمنين من جميع الامة ، الدالة على استحقاقه التعظيم والاجلال والتقديم التي لم تحصل ولا بعضها لاحد سواه ، و
____________________
(١) سبر الامر : جربه واختبره.
(٢) غار في الامر : دقق النظر فيه. أنجد الامر : أوضحه وأبانه.
(٣) صعد فيه النظر : تأمله ناظرا إلى أعلاه واسفله. وفي المصدر : وصوب وأرشد.
(٤) في المصدر : ان الذى دل.
(٥) في المصدر : فهو أفعال النبى صلىاللهعليهوآله.