ثم إنه أولى الناس بهذه الآية ، لان حكم البيعة ما ذكره الله تعالى « إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراه والانجيل والقرآن (١) » الآية ، ورووا جميعا عن جابر الانصاري أنه قال : بايعنا رسول الله صلىاللهعليهوآله على الموت.
وفي معرفة النسوي أنه سئل سلمة : على أي شئ كنتم تبايعون تحت الشجرة؟ قال : على الموت.
وفي أحاديث البصريين عن أحمد قال أحمد بن يسار : إن أهل الحديبية بايعوا رسول الله صلىاللهعليهوآله على أن لا يفروا. وقد صح أنه لم يفر في موضع قط ولم يصح ذلك لغيره.
ثم إن الله تعالى علق الرضى في الآية بالمؤمنين ، وكان أصحاب البيعة ألفا وثلاثمائة عن ابن أوفى ، وألفا وأربعمائة ، عن جابر بن عبدالله الانصاري ، وألفا وخمس مائة ، عن ابن المسيب ، والفا وستمائة ، عن ابن عباس ، ولا شك أنه كان فيهم جماعة من المنافقين مثل جد بن قيس (٢) وعبدالله بن ابي بن سلول.
ثم إن الله تعالى علق الرضى في الآية بالمؤمنين الموصوفين بأوصاف : قوله : « فعلم ما قلوبهم فأنزل السكينة عليهم (٣) » ولم ينزل السكينة على أبي بكر في آية الغار ، قوله :
____________________
(١) سورة التوبة : ١١١.
(٢) قال في اسد الغابة (١ : ٧٤) : جد بن قيس كان ممن يظن فيه النفاق ، وفيه نزل قوله تعالى : (ومنهم من يقول ائذن لى ولا تفتنى ألا في الفتنة سقطوا) وذلك ان رسول الله قال لهم في غزوة تبوك : (اغزوا الروم تنالوا بنات الاصفر) فقال جد بن قيس قد علمت الانصار أنى إذا رأيت النساء لم أصبر حتى افتتن ولكن اعينك بمالى! فنزلت (ومنهم من يقول ائذن لى)) الاية ، وكان قد ساد في الجاهلية جميع بنى سلمة ، فانتزع رسول الله سؤدده ، وجعل مكانه في النقابة عمرو بن الجموح ، وحضر يوم الحديبية فبايع الناس رسول الله الا الجد بن قيس ، فانه استتر تحت بطن ناقته!.
(٣) سورة الفتح : ١٨.